لبنان وإيران تحت مقصلة صفقة القرن؟
ليلى نقولا
القمّتان التي دعت إليهما السعودية، لحشد الدعم وتوحيد الموقف العربي ضد "التهديدات الإيرانية" والسعي لعمل كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بحسب ما أعلن مصدر سعودي. ويخشى فعلياً من أن يكون انعقاد هذه القمّة هو مقدّمة لقبول عربي بما تشترطه صفقة القرن من تنازلات وقَضْم الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
يوماً بعد يوم تتكشّف فصول مما يُسمّى "صفقة القرن" التي تقول الإدارة الأميركية أنها "خطة للسلام" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وآخر تلك الفصول كان الإعلان عن المؤتمر الاقتصادي الذي سيُعقد في البحرين يومي 25 و26 حزيران المقبل؛ للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"، وقد تمّت دعوة إسرائيل إلى هذا المؤتمر، التي من المتوقّع أن تردّ بشكل إيجابي وتشارك في المؤتمر، بحسب مسؤول إسرائيلي.
واقعياً، لا يمكن فصل التطوّرات في المنطقة عن توجّه الإدارة الأميركية، لفرض رؤيتها للسلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك من خلال قَضْم الأرض الفلسطينية وإعطائها لإسرائيل مقابل تحسين أوضاع الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزّة، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية... وعليه، لا نستبعد أن تكون الأزمات المُتنقّلة هي جزء من التمهيد لطرح صفقة القرن، ونجد فيها ما يلي:
- الضغوط غير المسبوقة على إيران، والتي تستهدف تجويع الإيرانيين، والضغط على النظام الإيراني لتغييره أو "تغيير سلوكه" بحسب التعبير الأميركي. وكجزء من تغيير السلوك المنشود أميركياً، على الإيرانيين أن يكفّوا عن دعم المقاومة الفلسطينية أو يضغطوا على حماس والجهاد الإسلامي للقبول بصفقة القرن الأميركية.
يعتقد الأميركيون أن الضغوط على إيران قد تؤدّي في النهاية بأن تقوم إيران بالتخلّي عن أوراق القوّة التي تمتلكها، وإذا كان من المستحيل على الإيرانيين التخلّي عن برنامجهم الصاروخي، أو التخلّي عن دعم حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي في العراق، فإنه من الممكن - بحسب التصوّر الأميركي - أن تتخلّى إيران عن بعض أوراق القوّة في فضائها المُكتَسب، أي في الملف الفلسطيني.
- القمّتان التي دعت إليهما السعودية، لحشد الدعم وتوحيد الموقف العربي ضد "التهديدات الإيرانية" والسعي لعمل كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بحسب ما أعلن مصدر سعودي. ويخشى فعلياً من أن يكون انعقاد هذه القمّة هو مقدّمة لقبول عربي بما تشترطه صفقة القرن من تنازلات وقَضْم الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
إن انعقاد القمّة العربية في مكّة المُكّرمة في الثلاثين من أيار، وعلى مسافة أيام من إعلان صفقة القرن، قد يكون مطلوباً من الأميركيين، ليستطيع السعوديون تمرير رسائل وتهديدات وفرض نفوذهم على الدول المشاركة للقبول بتلك الصفقة من دون اعتراض.
- الضغوط الاقتصادية التي تعانيها الحكومة اللبنانية، والشائعات المُبرمَجة والمُمنهَجة التي تحاول النيل من ثقة اللبنانيين والخارج بالاقتصاد اللبناني. ويُخشى من أن يكون إفلاس البلد وإفقاره، والضغوط الاقتصادية التي تُمارَس عليه، مُقدّمة لمُقايضة تقوم على فكرة "توطين" اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وعدم عودتهم إلى وطنهم الأمّ، مقابل مساعدات إقتصادية تحصل عليها الحكومة اللبنانية وتساهم في التخفيف من العجز المالي والاقتصادي.
وهكذا، ولغاية اليوم، يظهر أن كل ما رشح أو تسرّب عن صفقة القرن، يؤكّد أنها ستأتي لتصفّي القضية الفلسطينية برمّتها وتقضي على حق العودة، والأخطر أن بعض الدول العربية باتت تُجاهِر علناً بالتطبيع مع إسرائيل، وباتت تسير من دون خجل في مسار القضاء على الحقوق الفلسطينية... لكن، بكل تأكيد، لن يرضخ اللبنانيون للضغوط، ولن يسمح رئيس الجمهورية ومعه المقاومة بتمرير أجزاء من صفقة القرن على حساب لبنان، ويبقى الأمل بأن يتوحَّد الفلسطينيون ويحيِّدون خلافاتهم لمواجهة أخطر مرحلة في تاريخ فلسطين الحديث.
لصالح موقع الميادين نت
أضيف بتاريخ :2019/05/23