3 قمم في أطهر مكان لأخس قضية لمحاربة المسلم لأخيه المسلم.. والتبعية تجر أصحابها إلى تدمير الذات
د. عبد الحي زلوم
اثنان من المغضوب عليهم (كوشنر وبولتون ) يزوران بلادنا في العشر الأواخر من رمضان ليروجا لحرب يقتل فيها المسلم أخيه المسلم أحدهما يروج لتصفية القضية الفلسطينية وتسليم ما تبقى من فلسطين لأهله من الصهاينة اليهود والآخر يروج لاشعال حرب تعتمد على الأكاذيب . كتبنا كثيراً عن كوشنر ودعنا نكتب قليلاً عن بولتون. لكن المفارقة أن 3 قمم قد انعقدت وأجندتها أكاذيب بولتون وكوشنر في حين أن قمة واحدة لم تعقد حين منح ترامب مدينة القدس التي لا يملكها إلى الكيان الذي لا يستحقها .
مع أني اتقيئ عند سماعي اسم بولتون باعتبار أنه من كبار الكذابين والعنصريين في أي مكان في العالم إلا أني لا أتجنى على الحقيقة حينما أصفه بالكاذب والعنصري . دعني أترجم حرفياً ما جاء في سيرته الذاتية بأنه بالإضافة إلى مساهمته في الكذب بموضوع أسلحة الدمار الشامل في العراق فإنه منذ 2013 وحتى استلامه منصبه كمستشار للأمن القومي الأمريكي للرئيس ترامب عمل جون بولتون رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة غيت ستون Gatestone Institute وهي المؤسسة التي أسستها الصهيونية اليهودية المعروفة بشدة عنصريتها والوريثة للعائلة اليهودية المالكة لسلسة متاجر سيرز أند روبك نينا ريسنولد Nina Rosenwald. الانسكلوبيديا ويكيبيديا تعرف مؤسسة غيت ستون كالاتي :” الغيت ستون هي مؤسسة بحث فكرية يمينية مناهضة للمسلمين وبتركيز على الإسلام والشرق الأوسط، ولقد استرعت الانتباه نتيجة نشرها مقالات كاذبة وبكونها مصدراً للأكاذيب الصارخة. “
إذن رأس جون بولتون لأكثر من 5 سنوات مؤسسة تصفها الويكيبيديا بأنها مناهضة للإسلام والمسلمين وتبث الأكاذيب الصارخة ! هذا هو جون بولتون الذي قضى الأواخر العشرة من رمضان يحث المسلم على محاربة المسلم وبعض المسلمين يسيرون كتنابل السلطان إلى حتفهم. أجندته وأكاذيبه هي أجندات قممٍ تذكرنا بقصائد مظفر النواب. كيف يمكن لأجندة معتوه ومعوق حاقد على الإسلام والمسلمين أن تكون أجندة مؤتمر 57 دولة إسلامية استهدفه بمؤامراته جميعاً وفي مهد وأقدس مكان للمسلمين في مكة !
ما يسعى إليه هذا المعتوه أن يقاتل المسلم لأخيه المسلم متحالفين مع أمثاله من المغضوب عليهم. خوفي على إخوتنا في الخليج من مغامرات طائشة وغير محسوبة من نفر قليل من بينهم لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم فأي حرب ستقوم ستكون شعوبهم أول الضحايا ولن يكون أحد عاصم لهم آنذاك. إن أي حرب ستقوم في الخليج سيكون لها عواقب كارثية على دول الخليج أساساً والعالم بأسره معهم .
بعد أن لاحظ عشرات الجنرالات المتقاعدين وخبراء الاستخبارات اندفاع بولتون لشن الحرب على إيران بناء على أكاذيب صنعها، كتب هؤلاء العسكريون والسياسيون والاستراتيجيون رسالة إلى الرئيس ترامب جعلته يتفادى التصعيد مع إيران بسبب الكلفة المرعبة جيوسياسيا وبشريا واقتصاديا للحرب. جاء في تلك الرسالة التي وقع عليها جنيرالات من القوات البحرية والجوية والبرية والمخابرات والدبلوماسية فيها : “بصفتنا مسؤولين سابقين في الأمن القومي وبتجارب ومسيرات طويلة في القوات المسلحة والدبلوماسية الأمريكية، لقد كنا شاهدين كيف تنفلت النزاعات من السيطرة… إن غياب التواصل المباشر بين زعماء سياسيين وعسكريين أمريكيين وإيران خلال المواجهات الكلامية يزيد من إمكانية خطإ في التقدير قد يؤدي الى نزاع عسكري غير مقصود”. وأضافت الرسالة “أن حربا مع إيران سواء عن قصد أو غير قصد سيترتب عنها انعكاسات خطيرة في الشرق الأوسط الذي يعيش حالة من اللاستقرار مسبقة، وسيجر الولايات المتحدة على نزاع مسلح بتكلفة مالية وبشرية وجيوسياسية هائلة”. وأضافت الرسالة
“ينبغي وضع تدابير لتهدئة الأزمات مع القيادة الإيرانية على أعلى المستويات كمقدمة لدبلوماسية استكشافية في القضايا ذات الاهتمام المشترك فحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وأمن أصدقاءنا وحلفائنا يتطلب حنكة ودبلوماسية هجومية بدل نزاع مسلح غير مجدي”.
ليس هناك مصلحة في شن حرب لا تبقي ولا تذر إلا للنتنياهو وعصابته ومنهم بولتون. ومع أن الرسالة قد بينت الكلفة الهائلة التي ستدفعها الولايات المتحدة فدعني أبين المخاطر المباشرة على دول الخليج العربي بل حتى على الولايات المتحدة والعالم بأن نتائجها سيكون مرعباً حقاً لما سينتج عنه من انهيار الاقتصاد الأمريكي والعالمي ولا أقول ذلك مبالغة .
من المسلم به أن الولايات المتحدة هي أقوى وأعتى قوة في التاريخ البشري ولكن من المعلوم أيضاً أن لهذه القوة حدود ومحدودية يجب لا نذهب بعيداً الى فيتنام، فحرب وجبروت و قوة الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو لن تمكنهم من التغلب على طالبان لمدة 18 سنة بحيث أصبحت أطول الحروب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية . كل غرف العمليات والسيطرة الإلكترونية والأقمار الصناعية وحاملات الطائرات والأسطول الأول والعاشر لم تستطع أن تهزم مقاومةً مسلحة ومؤمنة بقضيتها كان يقودها رجل مؤمن بقضيته وبالله اسمه الملا عمر من على ظهر دراجته النارية . فلنصل إلى نتيجة أن أي حرب مع إيران في الخليج لن تكون نزهة وسيكون لها عواقب محلية خليجية واقليمية وعالمية . .
بالنسبة إلى النتائج الخليجية والتي لا نتمناها لأخوتنا في الخليج فستكون مدمرة بكل المقاييس . هذا لا يعني أن إيران لن تتحمل خسائر مدمرة أيضاً، لكن هذا لا يخفف من آثار الدمار الذي سيصيب دول الخليج العربي . لو تم ضرب محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء فكلها في مجال الصواريخ الإيرانية بل حتى مدفعيتها ، فكيف سيكون الأمر بدون مياه شرب ؟ ثم إذا نشبت الحرب فكافة البنية التحتية والاقتصادية والنفطية للطرفين ستكون هدفاً مبدئياً من الطرف الآخر . وإذا كان عود كبريت يمكن أن يشغل ويعطل مصافي النفط ومحطات إنتاج النفط وتجميعه وخزاناته فما بالكم بعشرات او مئات الصواريخ وآلاف القذائف المدفعية . الأسطول الأمريكي داخل الخليج وحسب عسكريين محايديين سيكون فرصة وهدفاً سهلاً أكثر من كونه تهديداً . فلنتصور دول الخليج على طرفيه بدون ماء ولا كهرباء ولا انتاج نفط. حتى لو كان الدمار جزئياً فستبقى نتائجه كارثيةً.
بالنسبة إلى المنطقة فحلفاء إيران سوف لن يبقوا مكتوفي الأيدي فهم مستهدفون أيضاً. والكل يعلم أن المحرض والمحرك الأساسي لكل هذا الدمار هو الصهيونية العالمية والصهيوأمريكية والصهيونية في الكيان المحتل، ولن يسلم هذا الكيان من مئات بل آلاف الصواريخ التي ستحطم بنيته التحتية وستعطل الحياة بشكل لا يمكن لهذا الكيان التافه أن يتحمله لتتبين أكذوبة القوة التي لا تقهر .
أما عالمياً فإذا تم اقفال مضيق هرمز أو تعطيل محطات تحميل النفط او انتاجه فعندئذ سيصبح سعر برميل النفط (بلاحدود) وعندها سينهار الاقتصاد الأمريكي الذي ما زال بحاجة لاستيراد 6 إلى 7 مليون برميل في اليوم . إن مجرد التفكير في هذا السيناريو يرعب من يعلم بألف باء الاقتصاد والنفط. النظام الرأسمالي المتعولم هو نظام هش يعتمد في الأساس على أوهام وأكاذيب تدعمها قوة عسكرية أصبحت عاجزة عن صيانة هذه الأوهام والأكاذيب . ففي عالم العولمة تعتمد الولايات المتحدة على طباعة أوراق تجعل منها دولارات تشتري بها بضائع ثم تسترد تلك الدولارات بالتي هي أحسن أو اسوأ عبر سندات الخزينة وهي عبارة عن دين لحامله على الولايات المتحدة . ستنكسر حلقة هذه الأكاذيب عند تقلص انتاج النفط وتواجده .
كاد الاقتصاد الأمريكي ونظامه المالي العالمي ينهار مرتين في آخر ربع قرن . واحدة في نهاية القرن العشرين اثناء أزمة جنوب شرق آسيا حيث وصل تأثير الدومِينو للانهيارات المالية بحيث توقفت روسيا عن دفع التزاماتها آنذاك . كان الصندوق الاستثماري LTCM قد تعامل بتريلونات الدولارات من المشتقات ( Derivatives وهي أوراق وهمية ) واضطر البنك المركزي الأمريكي إلى التدخل لانقاذه. والمرة الثانية كانت في 2008 حيث انهار السوق المالي الأمريكي نتيجة التعامل بتلك الأوراق الوهمية التي كانت قيمتها أكثر من 50 مرة من حجم الاقتصاد الأمريكي السنوي بكامله .
إذن النظام الذي يعتمد على الأوهام في الاقتصاد وفي السياسة وعلى القوة العسكرية لحماية هذه الاوهام وعلى مستشارين بأمنهم القومي صناعتهم الكذب وتجارة الحروب كما في أستاذنا بولتون فهذا كالكيان الصهيوني أوهى من بيوت العنكبوت وستكون أي حرب هي ساعة الحقيقة لانكشاف هذا النظام . صحيح أن للنظام أسنان نووية وصواريخ عابرة للقارات ولكن أيضاً صحيح أن الاتحاد السوفيتي عند انهياره كان لديه مثل هذه الصواريخ والأسلحة النووية .هذه الحقائق يعرفها الجنرالات والاستراتيجيون والسياسيون الأمريكيون الذين كتبوا رسالتهم إلى طرطور نتنياهو الرئيس ترامب وإن لم يكتبوها بمثل هذه التفاصيل .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/06/02