إبداعات ترامبية لربح انتخابات بلاده المقبلة... وما يليها!
د. وفيق إبراهيم
هذيان ُالرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يتوقف، فيشبه مسلسلاً لتصديع التراكمات للتفاعل السياسي في الولايات المتحدة. بما يهدد بتحويل النظام الرئاسي الأميركي المستبد أصلاً ملكية أميركية يحكمها «MBT» محمد بن ترامب وأولاده وصهره وتباعاً ورثتهم.
فهل نحن أمام تبديل يصبح فيه الكونغرس مجلساً للبيعة والبيت الأبيض قصر الملك الجديد؟
أقر ترامب في تصريح جديد بأنه مستعد لتلبية رغبات الناخبين الأميركيين في حال إصرارهم على التجديد له لولايات رئاسية كثيرة ومتعددة بما يناقض الدستور الأميركي الذي يمنح الأميركي حصراً ولايتين رئاسيتين متتابعتين أو منفصلتين ولا يحق له أي تجديد على الإطلاق.
بيد أن هذه العقبة الدستورية يعرفها ترامب بشكل دقيق ولا بد من أنه يعرف كيف يتجاوزها.
ليس بمجرد انقلاب عسكري على طريقة العالم الثالث بل بمحاولة السيطرة على القوى الأساسية في المجتمع الأميركي، أي على الناخب الأميركي أولاً والمؤسسات الدستورية هي التالية.
يتبين بذلك أن MBT «محمد بن سلمان» وضع مخططاً للتقدم التدريجي يبدأ من تأمين كميات من الأموال من الخارج لوضعها في خدمة الطبقات الفقيرة على شاكلة خفض للضرائب. وهذا ما يفعله منذ سنتين على الأقل على مستوى طرد العمالة المكسيكية من بلاده، بما يوفر فرص عمل للأميركيين الشعبيين مبتدئاً ببناء الجدار الفاصل لمنع تسلل العمالة المكسيكية إلى بلاده. هنا تقول مراكز الدراسات أن تدابيره في هذا الصدد كان لها مفعول إيجابي في أوساط الشرائح الأميركية الفقيرة.
غير أنه لم يكتف بالمكسيك معرجاً على السعودية والخليج وألمانيا واليابان مستولياً على أكثر من ألف ومئتين مليار دولار بشكل تدريجي.
ثقافياً لم يوفر ترامب وسائل التأثير العرقي والديني مائلاً نحو تبني الإنجيلية الصهيونية الشديد التأثير على مستويين: الطبقات الشعبية والفئات العليا، التي تمالئ بدورها التيارات الشعبية لكسب أصواتها وجذب دعم إسرائيلي لناحيتها يمنحها ثقة أهم قوتين أميركيتين: الإعلام بما هو صانع للرأي العام، واليهود الأميركيون من الطبقات الوسطى.
هناك أسلوب ترامبي آخر يضرب فيه MBT ترامب عصفورين بحجر واحد ويتعلق برفع الضرائب على السلع الأجنبية التي تستحوذ على جزء كبير من الأسواق الأميركية. وهما فئتان: قسم صيني وشرق آسيوي اقتحم أسواق بلاد «الكاوبوي» برخص أسعاره، وقسم ياباني ألماني لجودة صناعته وأسعاره المعتدلة قياساً للسلع الأميركية المشابهة ذات الأسعار المرتفعة جداً.
بذلك يكسب MBA «محمد بن ترامب» الطبقات الشعبية في دولته بتوفير فرص عمل كبيرة لها وخفض الضرائب عنها، مستولياً أيضاً على الفئات العليا بطرد منافسيها الأجانب متحرشاً أيضاً بالطبقات الوسطى المحسوبة أصلاً على منافسه الديموقراطي.
هذه أجزاء من سياساته يكفي أنه أضاف إليها أسلوب «ادفع نحمِك» الذي يطبقه بأسلوب السخرية ورفع الهراوة على دول الخليج وباللغة الدبلوماسية على اليابان وألمانيا وكندا بالحزم، وبالعقوبات على روسيا والصين وبالحصار الإرهابي على إيران وسورية وبخفض الرأس مع كيم جونغ اون الكوري الشمالي.
للتنبه أيضاً فإن MBA ترامب يتبنى تحالفات في مختلف أنحاء العالم وخصوصاً في العالم العربي والإسلامي بواجهات سياسية وعسكرية وعمق اقتصادي يريد احتكار أسواق الاستهلاك فيها، متخلياً عن بعض الفتات للمنضبطين من الأوروبيين كبريطانيا مثلاً التي يعجز المراقبون عن الفصل بين سياساتها والجيوبوليتيك الأميركي، فتبدو مرتهنة لخدمته منذ 1945 وحتى قيام الساعة في الولايات المتحدة.
هذه السياقات ليست من أعمال بهلوان ومهرّج بقدر ما تعكس إمكانات رجل بورصة رشيق في كسب الأموال، لكنه لا يجيد اللغة السياسية والدبلوماسية مفضلاً عليها لغة السوق والمكائد ورفض الصداقات التي تؤثر في بعض الأحيان على حركة السطو على أموال الآخرين.
أما الجانب الأساسي في بناءات ترامب فإصراره على تعميق حلف بلاده مع الكيان الإسرائيلي لأسباب عدة: أولها كسب تأييد اللوبيات اليهودية الضاغطة في الولايات المتحدة بتقاطعاتها مع الناخب الأميركي المتدين وتشكيلها لجزء كبير من قوتي المصارف والإعلام.
فماذا فعل من أجلها؟ قدّم لها القدس عاصمة أبدية مصراً على إنهاء القضية الفلسطينية في مؤتمرات صفقة القرن المقبلة ساعياً إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في مصر والأردن وسورية ولبنان، ودافعاً نحو حلف عربي إسرائيلي أميركي على قاعدة العداء لإيران وسورية.
لم يكتف MBA «بذلك بل أهدى إسرائيل الجولان السوري المحتل ومزارع شبعا وكفرشوبا اللبنانيتين وقد يستمر بتقديم الأراضي العربية هدايا للكيان المحتل حتى الانتخابات الأميركية المقبلة.
إن هذه السياسات المتصلة بمشروع يحتل كامل عقل ترامب لا يرتبط فقط بالانتخابات الرئاسية المقبلة، بقدر ما يسعى للسيطرة شبه الكاملة على الانتخابات المقبلة للكونغرس بقسميه الشيوخ والنواب بما يمنحه طرح فكرة تعديل النظام الرئاسي الأميركي إلى نظام رئاسي يستطيع الأميركي أن يبقى رئيساً لولايات مفتوحة من الولايات الرئاسية. وهذا يتطلب تعديلاً دستورياً يحتاج إلى 80 في المئة من أعضاء مجلسي الكونغرس.
علماً أن النظام الرئاسي الحالي يسمح للرئيس بولايتين اثنتين، لكنه يمنحه صلاحيات تشبه صلاحيات الملوك يستطيع فيها أن يتخذ القرارات وينفذها على أن يعود لاحقاً إلى الكونغرس. وهنا تكمن المأساة في هذا النظام الرئاسي الذي ينتج مثل ترامب يفكر في السياسة بعقلية رجل العصابات وأسواق البورصات وعقلية السماسرة.
فهل تتحول الولايات المتحدة الأميركية دولة جمهورية بمضمون خليجي يديرها MBT «محمد بن سلمان» ويورثها بانتخابات مدروسة داخلياً وخارجياً لأولاده بمساعدة من صهره جاريد كوشنر وابنته ايفانكا؟
يكفي العالم MBS «محمد بن سلمان» واحد ولن يسمح الأميركيون لـ MBT بتدمير ما بنوه في القرنين الماضيين لأن سياسات الدول لا تقوم على جشع العاملين في «الوساطة» وتجار عقارات لا يرون في الناس إلا مداميك حجرة وكتلاً من الدولارات والنفط والباطون المسلح.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/06/20