صفقة القرن
بشارة مرهج
صفقة القرن الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية هي صفقة كامنة وحاضرة منذ وعد بلفور وصولاً إلى ورشة البحرين. تطلّ أحياناً هذه الصفقة بشكل حادّ وأحياناً تطلّ بشكل هادئ إذ يجري الإعداد لها خلف الستار او في الحلقات الديبلوماسية المعروفة، ولكن هذه الصفقة هي دائمة وموجودة وعدوانية ومستمرة. لذلك لا يكفي ان نستنكر او نرفض هذه الصفقة فحسب، وإنما يجب ان نواصل نضالنا اليوم وغداً كي نسقط هذه الصفقة، علماً بأنها لن تنهزم إلا بتكريس وحدة الشعب الفلسطيني حول القضية التي استشهد من أجلها الآلاف والتي سقط من أجلها آلاف الجرحى. هذه الصفقة لن تنهزم إلا بالتفافنا حول بيت المقدس وأكناف بيت المقدس مؤكدين خطاباً ونضالاً انّ كلّ ذرّة من تراب فلسطين هي حق الفلسطينيين لا ينازع ولا يجادل فيه. هذه الصفقة لن تنهزم إلا إذا استمتنا في الدفاع عن حق العودة واعتبرناه حقاً خالصاً لا تنازل عنه مهما كان الثمن.
وهذه الصفقة لن تنهزم إلا إذا واصلنا النضال بكافة الأشكال من أجل تحرير الأرض الفلسطينية وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية على كامل الأراضي الفلسطينية.
وهذه الصفقة لن تنهزم إلا إذا تمسكنا بوحدة القدس وحريتها ومكانتها الدينية والتاريخية والسياسية.
وهذه الصفقة لن تنهزم إلا إذا توحدت القوى الفلسطينية وتآزرت فعلياً مع كلّ القوى العربية التحررية.
انّ فلسطين اليوم هي في كلّ دار عربية، وكلّ دار عربية اليوم هي فلسطين. وهذا الكلام ليس كلاماً شعرياً أو وجدانياً وإنما هو كلام واقعي لأنّ صفقة القرن اذا كانت تستهدف وحدة الشعب الفلسطيني وتحويله إلى جماعات متفرّقة معزولة في كانتونات لا حول لها ولا قوة فإنها تستهدف في الوقت نفسه تفتيت القوى العربية وتدمير العواصم العربية ونشر الذلّ والعار والعجز في كلّ مكان من هذه الأرض الطيبة الغالية التي انطلقت منها أعظم الرسالات السماوية التي تقدّس الحرية وحقوق الأمم والشعوب. ولكلّ ذلك فإنّ مقاومة صفقة القرن دفاعاً عن فلسطين وأرضها وكرامتها إنما هي أيضاً دفاع عن كلّ قطر عربي وكلّ مواطن عربي يرفض الاحتلال والاستغلال والاستعمار ويتمسّك بحقه في الحرية وحرية الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع من أجل قدسه ودولته وسيادته.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/06/27