وجهة نظر أوباما عن الشرق الأوسط
منصور الجمري
عدد مجلة «ذا أتلانتيك» لشهر أبريل/ نيسان 2016 أصبح مشهوراً في كل أنحاء العالم حتى قبل أن يبدأ شهر أبريل... وذلك لأنّ الصحافي جيفري جولدبيرغ كتب مقالاً تحليلياً (مقال بحجم كتاب)، تحت عنوان The Obama Doctrine، أي عقيدة أو مبدأ أوباما، حلل من خلاله كل ما سمعه من الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال السنوات الماضية عن آرائه ومبادئه التي حددت مسار قراراته وسياسته طوال فترة تواجده في البيت الأبيض، منذ مطلع العام 2009 حتى نهاية العام 2016، بما مجموعه 8 سنوات.
وتماماً كما أن المقال انتشر قبل شهر أبريل (شهر إصدار المجلة)، فإنّ فترة ما بعد أوباما بدأت بالفعل قبل أن ينتهي من تواجده في البيت الأبيض، وهي فترة حددت مسار أميركا تجاه قضايا محورية، مثل نقل مركز ثقل السياسة الأميركية من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا، والاهتمام - بدرجة أقل من السابق - بما يرغب به الحلفاء التقليديون مقابل ما تسعى إليه الإدارة الأميركية نحو قضايا المنطقة.
كل رئيس أميركي التزم بمبدأ مُعيَّن، والرؤساء الذين يأتون بعده يرسمون سياساتهم على أساس مبادئ أخرى، ولكن المؤسسة الأميركية لا تتقلب كثيراً؛ لأنّ الالتزامات الدولية التي تنتج عنها اتفاقات تصبح ملزمة للبلد وليس للرئيس الذي انتهت ولايته.
هناك الكثير مما يمكن تناوله والتعليق عليه بالنسبة لما جاء في المقال الطويل جداً حول «مبدأ أوباما»، ولكن هناك نقطة أشار إليها أوباما في معرض حديثه عن الشرق الأوسط، وهي انتشار هويات الطائفة أو العشيرة أو القرية، واعتبرها «واحدة من القوى الأكثر تدميراً في الشرق الأوسط». وكان المفكر المغربي عبدالله العروي قد تحدث في أحد كتبه عن «العشيرة»، وعرّفها بأنها كل جماعة، سواء كانت عائلة أم قبيلة أم حرفة أم حيّاً أم زاوية، تحتضن الفرد وتحميه من أذى الغير، أيّاً كان ذلك الغير. وقد أشار العروي إلى أن العشيرة في الثقافة العربية تجسد العادات، والعادات مفروضة على الفرد وملزمة له، وهي تحد من مبادراته... وبقدر ما تحفظ العشيرة أحد أفرادها، فإنّ على الفرد المحافظة على الحقوق المكتسبة والامتيازات الموروثة للعشيرة.
أوباما تحدث عن هذه الظاهرة - ضمن حديثه عن أمور عديدة أخرى - واعتبرها خطيرة إذا أصبحت بديلة عن الهوية الوطنية الجامعة، واعتبر أن المواطنين اليائسين من دولهم يلجأون إلى الهويات الأخرى، وأن هذا «هو مصدر الكثير من المشاكل في الشرق الأوسط». هذه النقطة تحتاج إلى معالجة فكرية، وهو ما تحدّث عنه مفكرون في منطقتنا، والآن أصبحت أوضاعنا لا تسر بسبب انتشار الهويات «دون الوطنية» والتي تساهم في خلق الاضطرابات في كُلّ مكان.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/03/20