نتنياهو يراهن على صفقة ترامب وقراراته ويستغيث به للمساهمة بانجاحه في الانتخابات
بسام أبو شريف
يتحرك نتنياهو ويتصرف تصرف من فقد أعصابه ، وأضاع القدرة على التفكير بحكمة أو بمنهج مترابط ، فبعد توجيه ضربات عسكرية للحشد ( وماسببت من ارباك لأتباع واشنطن في العراق ) ، وضرب هدف قرب مطار دمشق ، وارسال المسيرتين لتفشلا في الضاحية الجنوبية انتقل نتنياهو الى الأرض الفلسطينية المحتلة ليظهر للناخبين شجاعة ورقية هي غير موجودة لديه فعليا في محاولته لاستدرار أصوات المستوطنين الذين تحولوا ” الآن ” ، الى خشبة النجاة الوحيدة لنتنياهو .
فرتب على عجل اعادة احتلال مدينة الخليل لساعات حتى يتمكن من زيارتها في ظل منع التجول على أهلها وحراب جنوده والمستوطنين الذين رافقوه ( يقول أحد المسؤولين رفض الافصاح عن اسمه أن زيارة نتنياهو للخليل وزوجته كلفت الخزينة الاسرائيلية 23 مليون دولار ) .
وألقى نتنياهو في الخليل خطابا منعت الرقابة بث أجزاء كبيرة منه ، وسرب أحدهم أن معظم الخطاب انصب على بسط السيادة الاسرائيلية على الحرم الابراهيمي والأقصى وكامل الضفة التي أسماها يهودا والسامرة ، وأصدر أمرا بمهاجمة الأقصى ودفع بالأجهزة الأمنية والشرطة المسلحة والمستوطنين المسلحين لساحات الأقصى ، واعتقل العشرات بعد الاعتداء عليهم بالضرب وبأعقاب البنادق ، واستهدفوا في باحات الأقصى ليخلوه من المصلين ، وفي الوقت ذاته وزعت بيانات تطالب بالسيطرة مناصفة على الحرم القدسي .
وانهال جنود الاحتلال بالضرب على مشايخ الدروز عند معبر الشيخ حسين ، وذلك لارهاب الدروز قبل الانتخابات وابتزازهم ، وربما لدعم بعض العملاء قبل الانتخابات .
سجل نتنياهو هذه النقاط … لكنه لم يسترد ثقته باسرائيل وقدراتها ، فتوجه الى ترامب طالبا منه الوقوف بحزم في وجه ايران ، وتوقع نتنياهو أن يلتقي ترامب روحاني في الأمم المتحدة أثناء اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، لذلك طلب نتنياهو من ترامب أن يفصح عن صفقة القرن قبل هذا اللقاء ، وقرر ترامب ارسال غرينبلات للشرق الأوسط بعد الاعلان عن الصفقة .
بعد طباعة هذا المقال بدقائق استقال غرينبلات ، المستشار الخاص للرئيس ترامب حول الشرق الأوسط ، والذي كان من المفترض أن يزور المنطقة لطرح مشروع الحل ، أي صفقة القرن على الفلسطينيين ، استقال كما يبدو لخلاف كبير حول ماطرحه ترامب ، وماتقتضيه قرارات الشرعية الدولية .
يخشى نتنياهو أن يجبر صمود ايران ومحور المقاومة ترامب على فتح حوار مع طهران مما سيعطل قدرته ورغبته في شن الاعتداءات ( ولو لفترة ) .
لكن لنضع مراهنات نتنياهو جانبا ، ماذا نحن فاعلون ازاء تسجيل نتنياهو لهذه النقاط ورفع مستوى الجنون العنصري في اسرائيل وفي وسط المستوطنين المجرمين والمدعوين من الجيش الاحتلالي والحكومة والقضاء !! ان جاز تسميته قضاء .
المسؤولية تقع على عاتق السلطة الفلسطينية والمنظمات الفلسطينية ، لماذا يصمت الجميع في وجه مايجري ومايقترفه نتنياهو وقواته ، والمطلوب هنا ليس معجزة وليس تعجيزا المطلوب تنظيم التحرك الشعبي الرافض لاجراءات نتنياهو ، تحرك شعبي سلمي ونحن نعلم أن جنود البطش الاستعماريين سيعتدون على التحرك الشعبي المسالم ، لكن تراكم الاعتداءات واستمرار الحراك الشعبي في كل المدن والبلدات ، وفي كل الأوقات سوف يخلق بالضرورة ورغم أنف كل أموال الصهيونية التي اشترت صمت أجهزة الاعلام الغربية رأيا عاما دوليا مناهضا لاسرائيل وعنصريتها تماما كما حصل مع الحكم العنصري في جنوب افريقيا .
لقد حقق الحراك الشعبي المستمر في جنوب افريقيا تغيرا في موقف الرأي العام فرض على حكومات الغرب تغيير مواقفها ، وأخضع العالم الغربي مندوبه في جنوب افريقيا ” ديكلارك ” للواقع ، وخرج مانديلا من السجن وأصبح أول رئيس للدولة الجديدة .
ليس مطلوبا أن تشن السلطة حربا بل حراكا ، ونقول بكل وضوح ان المطلوب هو تنفيذ ما أعلنه الرئيس محمود عباس وهذا يعني :
رفض صفقة القرن والتصدي لها ، وهذا يتطلب :
1- العمل الحثيث والسريع مع روسيا والصين واوروبا لعقد مؤتمر دولي طارئ لتثبيت قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بدلا من أحادية صفقة القرن ، وهذه الحركة مطلوبة من الرئيس ابو مازن تحديدا ، فان مؤتمرا كهذا سوف يوقف انفراد ترامب بشؤون الشرق الأوسط ونشير الى أهمية ماقاله بوتين اليوم : ” من أن سيطرة وانفراد الغرب بالقرارات ذات التأثير على وشك الانهيار ” .
أين رئيسنا من ضرورة هذا التحرك ؟ اذا لم يكن قادرا لأسباب صحية فليكلف رئيس الوزراء بالتحرك الفوري .
2- الغاء الاتفاقات المعقودة بين السلطة واسرائيل
أين التنفيذ ؟ أين اللجان ؟
نحن نفهم أن هنالك صعوبات عملية ، لكن استبدال ذلك يتم بالبدء بجملة مقاطعة عامة يحاسب عليها لكل البضائع والمنتوجات الاسرائيلية في فلسطين ، وكذلك في كل مكان يستطيع الفلسطينيون ومؤيدوهم أن ينشطوا خاصة انجلترا .
3- تفعيل العمل مع أنصارنا وأنصار الحرية ، والمناهضين للعنصرية في كل أنحاء العالم وتحويل بعثاتنا وسفاراتنا الى مراكز عمل ، وليس الى صالونات للتحنيط .
مراكز عمل لمناهضة صفقة القرن ، ومقاطعة اسرائيل وزوال الاحتلال ، وتحريك الرأي العام بدأ منذ فترة ولابد من بث الروح الوقادة فيه .
وعلى الصعيد الداخلي أن يقوم الرئيس ابو مازن ، ولأول مرة منذ أن تسلم المسؤولية بزيارة 1- نابلس
2- الخليل
3- بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور .
4- رام الله ، فهو لم يزرها لأنه ينتقل من المقاطعة الى بيته وبالعكس ، على الرئيس ابو مازن أن يزور كل قرية تتعرض للاعتداء أو مصادرة الأراضي ، وكذلك مخيمات اللاجئين في الشمال والجنوب والوسط ، عليه زيارة كافة محافظات الضفة الغربية وألا يكتفي ببعض الزيارات العائلية أو قبول دعوات من عائلات عليه أن يرى الناس ، وأن يجيبهم على أسئلتهم وأن يعبئهم ان أراد لما قاله هو .
لايوجد متسع من الوقت أمام ابو مازن أو السلطة أو المنظمات .
استراتيجيا التصدي يأتي عبر مؤتمردولي ( اوروبا – الصين – روسيا وكل الدول التي اعترفت بدولتنا ) ، يرفض فيه الحل الصهيوني ويلتزم بقرارات الشرغية الدولية ، والتحرك الشعبي ، ومقاطعة اسرائيل ، وتحريك الرأي العام ، وزيارة المحافظات .
اذا لم ينفذ هذا ، فلنا الحق بالقول ان السلطة تكذب علينا وتضللنا ، وانها ضالعة سرا وعبر السعودية في صفقة العهر .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/09/07