من يطرحون حكومة حيادية... هل هم حياديون؟
د. جمال شهاب المحسن
فتَّشتُ عن الإعرابِ في السياسة اللبنانية فلم أجدْها إلاّ عندَ القلّةِ النادرة.. وهنا أقصدُ حصراً الإعراب السياسي، حيث يصبح هذا «الإعراب» صعباً في التطبيقي والعملي أكثر من النظري وفي البحث عن المطابقة أو عدمها بين النظري والتطبيقي..
وقبل استقالة الحكومة وبعدها حضر في التداول الإعلامي أن تحِلَّ مكانها في »الفترة الإنتقالية» حكومة تكنوقراط حيادية غير حزبية، مع العلم أننا نشهد فوضى في التوصيفات وإطلاق الأحكام العشوائية والمسبَقة في ظلّ صراع سياسي خطير يتداخل فيه المحلي والإقليمي والدولي وفي ظلّ حالة انفجار شعبي كبير..
وفي ما يتعلّق بالتكنوقراطية بالانجليزية: Technocracy أو التقنقراطية كلمة أصلها يوناني من كلمتين هما تِكني «فني وتقني» وكراتُس «سلطة وحكم»، وباعتبارها شكلاً من أشكال الحكومة، تعني حرفياً حكومة التقنية، ويُقال حكومة الكفاءات، وبناءً على ذلك فإنّ الحكومة التكنوقراطية تتشكل من الفئات العلمية الفنية المثقّفة، وهي حكومة متخصّصة في الإقتصاد والصناعة والتجارة، وغالباً ما تكون غير حزبية
هنا نسأل هل الذين يطرحون هذا الموضوع كحزبي «القوات» والأحزاب الناشئة ومنها ما سمّي بـ «حزب سبعة» وغيرهم، هل هم «حياديون» في الصراع السياسي الإجتماعي الكبير الذي يعيشه اللبنانيون ويتخوّفون من تداعياته على كلّ المستويات؟! علماً أنّ الأميركيين وحلفاءهم في الإقليم يتدخّلون في الشؤون الداخلية اللبنانية على مدار الساعة لمصلحة العدو الوجودي للبنان وهو الكيان الصهيوني، وهنا نشير الى تصريح وزير الخارجية الأميركي المدير السابق للإستخبارات الأميركية مايك بومبيو بشأن الحكومة اللبنانية، والذي لا يعني سوى الإستثمار في موضوع إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة جديدة يُدخلون إليها مَن هو «حيادي»، حيث أنّ «الحياديين» كرئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو الخوري انتهك قانون الجامعة بعدم التدخل في السياسة فأصبح محرّكاً ظاهراً لطلابه وموظفيه في التظاهرات، فطلب منهم عدم التفاوض والحوار مع السلطة.
أما بشأن الحكومة بكونها حُكماً وسلطةً سياسية فإنّ التكنوقراطي الأخصّائي في مجال أو ميدان معيّن عندما يكون فيها يصبح مشاركاً في السلطة السياسية التنفيذية..
أتمنى أن لا يُضاف موضوع »الحيادية والتكنوقراطية» الى السجال السياسي العنيف في لبنان مشدّداً على ضرورة الحوار الإنقاذي من أجل حاضر الشعب اللبناني ومستقبله، حيث أنّ انسداد الأفق الحواري الديمقراطي يؤدّي الى أمور لا تُحمدُ عُقباها خصوصاً أنّ أزمات معيشية أكبر بدأت تهدّد لبنان أكثر فأكثر.
وهنا أعود الى العنوان الذي لا بُدّ من التركيز عليه وهو «ضرورة عدم التساهل مع الذين يعملون سرّاً وعلانيةً في استغلال المظاهرات والمطالب الشعبية المحقّة لصالح أصحاب الأجندات المشبوهة»، علماً أنّ الأميركيين والسعوديين والإماراتيين أصبحوا على خطّ الأزمة بعد عملهم في التأزيم وافتعال الفوضى منذ فترة، وهذا لا يعني أننا لا نحمّل مسؤولية الفساد للفاسدين الذين أثروا الى درجة التخمة على حساب اللبنانيين ووضعهم المعيشي الصعب، وبالتالي ضرورة التطبيق الفوري لقانون من أين لك هذا.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/11/01