حروب الجيل الرابع الأمريكية في جغرافية محور المقاومة ذاهبة إلى الفشل
طالب الحسني
يبدو أن تكرار النسخة الجديدة من ” ربيع 2011″ ذاهبة إلى الفشل ، ذلك أن هذه النسخة مصنّعة بوضوح ، وبدت مطابخها مكشوفة ، وفقدت أهم عناصرها ، الربيع الأول 2011 كان مفاجئا ، بينما هذه الأخيرة متَوقعة ، علاوة أن نتائج الأولى لم تكن جيدة ويحمل نسبة كبيرة من الجمهور العربي والدولي انطباعات سيئة عنها لمجرد متابعة أخبار ليبيا وسوريا .
لست بصدد مهاجمة ” الحراك في لبنان والعراق وحتى الجزائر ، ولكن بصدد كشف المحرّك واللغة المستخدمة وطريقة تقديم هذه الحراكات ، والسرعة الكبيرة في نقلها إلى مسارات أخرى مثلما يحصل في لبنان والعراق على وجه التحديد .
صحيح أن جهات عديدة ركبت الثورات الشعبية في 2011 وحرفتها عن مسارها مثلما حصل في سوريا وليبيا ، ولكن على الأقل بقي الحراك الشعبي لفترة معينة ” واضح ” .
ما يحصل الآن في لبنان والعراق وما كان يُراد أن يحصل في إيران ، رُكب قبل أن يبدأ ، وبالتالي يجري تفكيكه حاليا بالآلية نفسها ، بالسلاح نفسه ، الإعلام ، مواقع التواصل الاجتماعي ، ليتضح أننا في قلب حرب الجيل الرابع وجزء منها على الضفتين .
من الأسبوع الأول للحراك اللبناني والعراقي عرف أن هناك طرف مستهدف ، خلافا لما يقال ويرفع كشعارات ، مع تبرئة جزء كبير من الذين يؤمنون بالشعارات التي رفعت في الأيام الأولى ومن بينها إسقاط النظام ” الطائفي ” لاحقا وبسرعة رفعت الأهداف المطلوبة ، أصبحت هي الشعارات الجديدة الآن ( تجريد المقاومة من سلاحها ، إبعاد حزب الله عن الحكومة ) الأمر نفسه في العراق ، استهداف الحشد الشعبي ، بالتالي هذا حراك موجه ، لم يعد عفويا ، أبعد من ذلك أن المحرّك كشف عن نفسه من وقت مبكر ، من المفارقة أن هذه الدول التي تتبنى الحراك مثل السعودية غير ديمقراطية وتقمع الحريات وكان من المفترض أن يجري الربيع العربي الأول ، هذه المعطيات وحدها تكفي لمعرفة أن ستذهب الأمور بالنسبة لهذه النسخة الجديدة .
في الحالة الإيرانية مع الفارق الكبير بينها وبين الحراكين اللبناني والعراقي ، استعجلت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الخليجية ومن بينها السعودية ، في وصف حالة الشغب التي حصلت في عدد كبير من المدن الإيرانية ، بأنه ” حراك شعبي ” فمن الدقائق الأولى وبتجمعات صغيرة تم مهاجمة المقرات الحكومية وإشعال النيران فيها ، فضلا عن أن قرار رفع أسعار الوقود وهي ” الذريعة ” لأعمال الشغب ، سيذهب ، أعني القرار لصالح الطبقة الفقيرة ، فهو يستهدف حصول قرابة 60 مليون إيراني على عائدات مالية تخفف من المعاناة والأعباء المعيشية جراء الحصار الأمريكي والعقوبات الجائرة ، بالتالي الاحتجاج على رفع سعر الوقود هو بالضرورة يعني الوقوف في وجه الطبقة الفقيرة التي ستستفيد من تطبيق القرار الذي أقرته السلطات الإيرانية الثلاث وأشاد به قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي .
من المفارقة أن الولايات المتحدة الأمريكي والمتطرفين في البيت الأبيض أمثال مايك بمبيو أيدوا أعمال الشغب تلك باعتبارها ” ثورة ” لمصلحة الشعب الإيراني مع تجاهل أن هذه الإدارة الفاشية هي من تقوم بحرب اقتصادية مباشرة ضد الشعب الإيراني قبل أن تكون ضد النظام والدولة في الجمهورية الإسلامية .
نستطيع أن نقول أن ايران تمكنت من تفويت فرصة كبيرة كان خصومها بإنتظار تحققها ، فالحرب الاقتصادية والعقوبات القاسية التي تفرض على إيران كانت بالدرجة الأساسية تهدف إلى إفقار الشعب الإيراني ثم تثويره لاحقا ، ذلك ما هو مُدرك سياسيا ونخبويا وشعبيا على مستوى كبير .
استخدام الجيل الرابع من الحروب ستتعرض لهزيمة مدوية على الأقل في الجغرافية المحسوبة على محور المقاومة فالاصطفاف الشعبي في هذه الحرب ليست لصالح المحور الأمريكي حتى الآن .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/11/23