آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سالم بن أحمد سحاب
عن الكاتب :
أستاذ الرياضيات، جامعة الملك عبدالعزيز بجدة

الفســــــاد !


سالم بن أحمد سحاب ..

لاشك أنه صناعة قديمة قدم التاريخ البشري، فالحقيقة الربانية الثابتة (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس). لكنْ ثمة قانون رباني آخر أسماه الشرع المطهر (المدافعة) وهي مستمدة من النص القرآني المجيد (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) بمعنى استحالت الحياة عليها لولا بقية قليلة من الناس ترفع لواء مقاومة الفساد ومساندة النزاهة والفضيلة.

وسوء استغلال السلطة هو أشد أنواع الفساد فتكاً بالمجتمعات، فبفضله يشتد الظلم فلا رادع له، وتحت ظله تفسد الأخلاق وتنتشر الرذيلة فلا حامي لها، وبمباركته ومشاركته تكثر الرشاوى ويزداد الاختلاس وتكثر السرقات فلا حدود لها.

ولعل الأمثلة التي تُشاهد كثيرة لا حصر لها وقليل منها الذي يُعلن، فللفساد قوى خفية تحاول دائماً حمايته والتستر عليه تحت ذرائع كثيرة ليس أولها الخوف من سطوة أصحابه وحماية أبطاله، وليس آخرها دعاوى الرأفة والرحمة ومزاعم الحذر من إلحاق الأذى بالأبرياء من قرابة المتهمين بالتورط فيه والمدانين.

والبرازيل دولة متقدمة نسبياً تصنع حتى الطائرات وتفاخر بمرافقها السياحية ومواهبها الكروية. وكما هو معلوم، فإن العالم على موعد في يوليو المقبل مع هذه الدولة اللاتينية التي تستضيف مونديال الألعاب الأولمبية الصيفية للعام 2016م، وهو حدث يتكرر مرة واحدة كل 4 أعوام، ولأن المرافق الأولمبية مكلفة وضرورية فقد لاحت في الأفق مؤشرات فساد هائلة تتجاوز قيمتها مليارات الدولارات مرتبطة بمشاريع الحدث الأولمبي الكبير.

خلاصة الفضيحة المدوية أن (كارتل) أو مافيا شركات التشييد والبناء قد جمعت قواها وحزمت أمرها ورتبت حالها، فقدمت مجتمعة رشاوى ضخمة لكل المسئولين والسياسيين من أصحاب القرار حتى تفوز بعقود إنشاء وتشييد وتجهيز رسمية مبالغ فيها، وعلى حساب المواطن الذي يدفع الضرائب ويتحمل النتائج. وفي الأسبوع الماضي أظهرت وثائق التحقيق الأولية قائمة من 316 سياسياً (موزعين على 24 حزباً سياسياً) تلقوا رشاوى مالية مباشرة من شركة (متخصصة)أنشئت لتكون الذراع الجمعي لمافيا الشركات المشار إليها.

تصوروا فقط لو علم ما خفي، وهو أعظم! وتصوروا ماذا يحدث في دول أخرى متخلفة، بينها وبين البرازيل آماد طويلة زمنية وحضارية.

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2016/04/04