الولاء للوطن لا للسلطة المستبدة
علي آل غراش
من الطبيعي أن يكون ولاء المواطنين للوطن الذي هو بمثابة الام الرؤم والمكان الذي يشعر فيه المواطن بالكرامة والعزة والأمن والأمان والإنسانية، فيه يتقلب جميع المواطنين في بحار خيراته تحت ظل العدالة والحق والحقيقة والمساواة..، فالوطن ملك لكل المواطنين من كافة أرجاء المناطق والمدن والقرى مهما اختلفت الأعراق والأديان والألوان والمذاهب والمناصب والتوجهات الفكرية والحالة المادية..، وليس من حق اي فرد أو عائلة أو جماعة أو فئة ان تعطي لنفسها الحق في مصادرة البلد وكأنه مؤوسسة أو مزرعة خاصة؛ وفي منطق الدولة الحديثة حيث القانون هو سيد الجميع فالحاكم هو مواطن مكلف وظيفته خدمة الشعب حسب دستور وثيقة شراكة تحدد صلاحية وعلاقة كل فرد، وبين الحاكم والمحكوم؛ والحكومة أو الحاكم ليس هو الوطن، ولا ينبغي أن يجعل نفسه في مقام ومكانة أعظم أو مساوية لمكانة الوطن أو بمكانة الإله فوق النقد..، فالوطن هو الأعظم والأهم وهو الأساس، اما الحكومة والحاكم فهو تكليف وحدث طارئ ومتغير لا يدوم مهما طال الزمن ومهما مارس الحاكم - النظام - الإقصاء والاستبداد والترهيب للمواطنين .. فالتغيير سنة الله في الكون.
وبذلك فالولاء للوطن وللقانون - الدستور - المنبثق من الشعب مباشرة القائم على العدالة والمساواة والخير والسلام والحياة الكريمة ... للجميع، الدستور الذي هو المرجع لكافة الشعب؛ والحكومة او الحاكم لا يمكن ان يصبح ممثلا شرعيا للشعب إلا بعد الحصول على تأييد المواطنين بشكل مباشر وعبر صناديق الانتخاب، والنظام الحاكم "الحكومة" هي جهة منفذة وتكليف - حسب قوانين الدستور - لصيانة حقوق المواطنين والعدالة والمساواة والحرية والامان والسلام والتعددية والحياة الكريمة لكافة المواطنين، وان تدافع عن مواطنيها في كل مكان وغير ذلك..؛ وعندما ترتكب الحكومة اخطاء وتتجاوز الصلاحيات وتستغل السلطة لتحقيق مآرب خاصة ويقع منها الظلم والحرمان والاعتداء على حقوق المواطنين وهدر المال العام، فهذه الحكومة تعتبر فاسدة وظالمة غير شرعية يجب محاكمتها لأنها قامت بما يتنافى مع وظيفتها حسب الدستور وهو خدمة الشعب.
وبناء على ذلك ينبغي عدم الخلط بين الولاء المطلق للسلطة ومؤسساتها وللمسؤولين والاشخاص وللتيارات أمام مصلحة الوطن والمواطنين. بل ان حقوق المواطن حسب الدستور مقدمة على الولاء للسلطة والحاكم..، اذ لا ولاء ولا قيمة ولا مكانة للسلطة الحاكمة المستبدة والظالمة والفاسدة ... التي تعتدي وتنتهك حقوق مواطنيها والتي تقصر في عملها، وتستغل سلطتها في نهب خيرات الوطن، وتساهم في نشر الفرقة بين المواطنين.
فمن مفاهيم الولاء للوطن الاخلاص والتأييد، وان يشعر المواطن بالكرامة والعزة في وطنه وان يدافع المواطن عن تراب الوطن وحمايته واعماره..، والمواطن الذي يطالب بالاصلاح وتطبيق العدالة ومحاربة الفساد والمفسدين وينقد المسؤولين والحكومة المستبدة الفاسدة هو مواطن مخلص غيور ولاءه لوطنه ويسعى لمصلحة وخدمة اخوانه المواطنين، .. وبذلك على افراد المجتمع دعم هولاء المواطنين المخلصين للوطن، ورفض التخوين والتشكيك في ولائهم؛ باتهامات تتعلق المطالبة بالإصلاح والعدالة والمساواة لجميع المواطنين والأعمار في الوطن.
ومن الأمور التي تساهم في تقوية رابطة الولاء بين المواطن والوطن، أن يكون اسم الوطن وقوانينه وحكومته منبثقة من إرادة الشعب اي محل توافق الجميع لا بالفرض والاستبداد والترهيب والاعتداء والاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل.
ولا يمكن التصدي للحكومة المستبدة ومحاربة الفساد والمفسدين، وبناء دولة القانون القوية إلا بوجود دستور منبثق يمثل إرادة الشعب، ومن خلال مؤسسات المجتع المدني والحراك الاجتماعي في ظل العدالة والحرية واحترام التعددية والوعي بالحقوق الوطنية، لا بالعنف والترهيب والقبلية والطائفية، وحالة الأنا الانانية والروح الفردية والمصلحة الشخصية لدى البعض. وأخيرا.. الولاء للوطن لا للسلطة المستبدة ولا للمسؤولين الفاسدين. حفظ الله الأوطان والشعوب، وخاصة النشطاء والقادة المخلصين .. من كل شر.
مدونة الكاتب علي ال غراش
أضيف بتاريخ :2020/05/09