تكافؤ اللقافة!
عبدالله المزهر ..
ومرّة أخرى تظهر قضايا »تكافؤ النسب«، ثم يبدأ الحديث عن الأمر واستنكاره واستقباحه لدرجة أن المتابع يستغرب من الذي يرفع القضايا ومن الذي يحكم فيها إذا كان كل الناس يستنكرونها. لكن استغرابه يتلاشى حين يدرك أن لأغلب الناس شخصيتين، واحدة يبدون بها آراءهم في المقالات وفي مواقع التواصل وأخرى يمارسون بها حياتهم، وغني عن القول إنهما لا تتشابهان ولا يربطهما رابط!
ما أعتقده أن من حق أي إنسان أن يزوج ابنته أو من يتولى أمرها من يشاء ويرفض من يشاء، لكني مؤمن أكثر أنه ليس من حق أي أحد أن يتدخل في زواج مكتمل الأركان بين زوج وزوجة مقتنعين ومتفقين وراضيين وسعيدين بحياتهما، هذا النوع من »اللقافة« قد يكون مقبولا كسلوك بشري كأي سلوك مرضي آخر، لكن حين تكون أحكام القضاء مؤيدة لمثل هذا السلوك فإن الأمر يبدو مستفزا بعض الشيء!
لا أستطيع فهم فكرة أن يفرق بين زوجين متحابين بحجة عدم تكافؤ النسب ووضع ذلك في إطار ديني مع أن الإسلام نفسه يجيز للمسلم أن يتزوج ـ على سبيل المثال ـ يهودية ابنة يهودي ابن يهودي!
لا يمكن التحجج بأقوال بعض الفقهاء في هذا الأمر لأنهم ليسوا بيننا الآن ولو كانوا بيننا لغيروا بعض آرائهم، كثير من الأشياء تتغير لأنها ليست من ثوابت الدين. لكننا ابتلينا بأناس يحفظون ويرددون ويكرهون التفكير.
حل مثل هذه الإشكالات بيد الدولة وليس بيد غيرها. ولتفهم هذه الحقيقة اسأل نفسك سؤالا بسيطاً: هل ستقبل مؤسسات الدولة ومحاكمها أن أشتري عشرين جارية لو وجدت من يبيعهن لي؟
وعلى أي حال..
انتشر الإسلام لأنه دين عدل ومساواة، معيار التفاضل فيه هو »التقوى«، الحديث عن أي معايير أخرى محض هرطقة، لكن قبل أن نقتنع بهذه الحقيقة الكبرى علينا أولا أن نكف عن التدخل في شؤون الخلق وترك ما لا يعنينا فذلك من حسن الإسلام!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/04/08