حلول البطالة
عيسى الحليان ..
أتذكر مقولة «ألبرت أنيشتاين» الشهيرة لو كان أمامي ساعة لإيجاد حل لمشكلة ما فإني سوف أنفق 55 دقيقة منها في التعرف على أسبابها ومكوناتها وسأكتفي بالخمس دقائق الباقية لإيجاد الحلول اللازمة لها.. أتذكر ذلك كلما أمعنت النظر في كيفية التعامل مع ملف البطالة واقتراح الحلول اللازمة، فإذا كنا حتى الآن لم نتفق على أسبابها ولم نسلم أو نعترف بعد بمكوناتها التاريخية وأوزانها النسبية على الساحة على اعتبار أن الموارد البشرية ممتازة والجامعات والمعاهد على أعلى مستوى من التأهيل والتدريب، والمدارس لا تخرج لنا سوى الموهوبين والناجحين بجدارة واستحقاق وثقافة العمل المتدحرجة من القطاع العام ثقافة أصيلة لا هم لها سوى الأداء الممتاز والإنتاج فقط، وخلق فرص العمل الوطنية تأتي متوافقة مع أعداد وكميات الخريجين وليس ثمة فجوة تذكر بين العددين، وأحوال المؤسسات المتوسطة والصغيرة على ما يرام فهي قادرة على التوظيف ومستوى قطاع الخدمات يمثل نسبة عالية من القطاع الخاص وفقا للنسب العالمية، وبالتالي فإن هذه الإشكالية البسيطة لا تتعدى دائرة التجار وطالبي التأشيرات وهؤلاء مقدور عليهم ويكفي أن تقتصر الحلول معهم على التعامل بحزم في منح التأشيرات من خلال البرامج الحديثة والمبتكرة لذلك كنطاقات مثلا، والدليل على صحة مثل هذه القراءات والتدابير المصاحبة لها أن الخطة كانت - لو تتذكرون - تقضي آنذاك بأن «البطالة ستكون في ذمة التاريخ خلال بضع سنوات» مضت هذه السنون ومضى ضعفها، وإذا بالبطالة وبدلا من أن تكون في ذمة أحد، أصبحنا كلنا في ذمتها وهي تتضاعف من 6 % آنذاك إلى 12 % حاليا وعدد الأجانب يتزايد هو الآخر من 7 ملايين إلى 11 مليونا وليت المسألة ستتوقف عند هذا الحد، حيث أشارت دراسات «ماكينزي» إلى أنها سوف تصل إلى ٢٠% عام ٢٠٣٠، وهذا يكفي هذا للتدليل على أن الحلول التي كانت تتعامل معهما وزارة العمل وغيرها كانت حلولا سحرية بعيدا عن خزعبلات «أنيشتاين»، وإن ما كنا نقوله ونكرره على مدى ١٥ سنة من أن الإصرار على هذه القراءات والمسكنات التي يقوم عمودها الفقري على منع التأشيرة أو توظيف السعودي مقابل التأشيرة... إلخ، كانت كلها حلولا خاطئة بعد أن اكتشفنا أنها لم تؤد إلى ارتفاع نسب البطالة في البلاد وحسب وإنما صرفتنا حقيقة عن فكرة البحث في الأسباب الحقيقية وإيجاد الحلول المستدامة وكأنك يا بو زيد ما غزيت !
هذه الثنائية العجيبة (التوظيف مقابل التأشيرة) والتي ظلت نقطة الارتكاز في كل الحلول وثبتت عجزها كان الجميع يدرك بأنها حلول ستقودنا حتما إلى طريق مسدود وأنها لن تفضي إلى شيء سوى زيادة منسوب البطالة وارتفاع معدلاتها، وظلت هذه الفكرة محور كل الطروحات والكتابات في البلاد طوال هذه الفترة وكنا نعتقد خلالها بأن الجهات الحكومية المعنية ترى شيئا لا نراه، لكن للأسف ثبت بأن العكس كان هو الصحيح !!
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/04/09