التطبيع: مواجهة حاسمة
إيمان شمس الدين ..
منذ أن احتل الصهاينة أرض فلسطين ضمن إستراتيجية بعيدة المدى، ونحن نرفع شعارات لا للتطبيع والموقف سلاح والمصافحة اعتراف.
ورغم كل هذه الشعارات وبعض المحاولات الجادة والناجحة في طريق المقاطعة مثل لجنة المقاطعة BNC، التي تشكلت في عام ٢٠٠٥بعد توقيع ١٧٠جمعية مؤسسة فلسطينية على نداء من أجل المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، والتي تنشط فيها مجموعة من الشباب والشابات بشكل فاعل ومؤثر ومثمر، لدرجة أن يعلن يسرائيل كاتس رئيس الاستخبارات الصهيوني، أنه يتعين على إسرائيل تنظيم عملية شطب هادفة للمدنيين، وهو تعبير يدلل على القيام بعملية اغتيالات لنشطاء في مجال المقاطعة.
إلا أن استراتيجيات الصهاينة العابرة لكل اعتبارات الهوية استطاعت أن تحقق نجاحا في العالم العربي، حيث اعتمدت على عمليات تشويه الوعي العربي وتدميره وإعادة رسمه بطريقة تصب في مصلحتها الوجودية في المنطقة.
خطواتها كانت كالتالي: تشويه مفهوم المقاومة ومساواته بالإرهاب من خلال مجلس الأمن وسن القوانين دون تعريف واضح للإرهاب. لدرجة أن يصرح الرئيس الفرنسي هولاند بجملته الشهيرة «معاداة الصهاينة هي معاداة السامية»، وكلنا يعلم أن معاداة السامية في الغرب قانون يعاقب مرتكبه بالعزل الاجتماعي بعد التجريم.
ثم قامت بمذهبة المقاومة وتصنيفها بتصنيفات عصبوية، بعد ضرب إسفين الخلاف المذهبي لتهيئ القابليات لقبول تصنيفاتها وإسقاط رموز المقاومة بالضربة المذهبية لتسقط كل انجازاتهم، والتي أهمها تحطيم ادعاء أسطورة أن الجيش الصهيوني لا يقهر، بعد أن أسقطت هيبته تحت أقدام المقاومين وضرباتهم، فبعثت أمل التحرير مجددا في نبض الجماهير.
وبعد أن غيرت بوصلة عداء الشعوب من الكيان الصهيوني إلى أعداء وهميين، بدأت تطرح نفسها كصديق حميم لنا، وكانت زيارة وفود إسرائيلية جس نبض لردود الفعل على توسيع خطوات التطبيع، وبما أننا صمتنا صمت القبور ولم تشكل لنا هذه السابقة أي التفاتة، رغم أننا كشعوب تشغلنا توافه الأمور بما في ذلك المذهبية منها، حيث نبدي استعدادا للانشغال ببعضنا ببعض ونعادي بعضنا بعضا، إلا أننا أمام أحداث مثل هذه لم نكلف أنفسنا حتى بأن نستنكر، وهو أضعف الإيمان. وهو ما سيسرع بتوسيع خطوات التطبيع مع الكيان الصهيوني برضا وربما بقبول جماهيري كسابقة في تاريخنا الرافض للوجود الصهيوني في المنطقة.
وهنا لا أنسى البعض في منطقتنا الذي كان له فضل كبير في دعم الكيان الصهيوني ليصل إلى هذه النتائج المبهرة، ولا أنسى فضل البعض الذي لجهله وتسليم وعيه مكن الصهاينة من تحقيق حلمهم الاستراتيجي، في أن يصبحوا أصدقاء لا أعداء أبديين.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/04/10