عبدالله المزهر ..

في حادثة الحفرة الأخيرة في جدة التي ابتلعت شابا وسيارته نقلة نوعية في نوعية حوادث الحفر، صحيح أن هذا لم يكن التطور الذي كان يريده الناس ولكنه تطور على أي حال.

كانت الحفر الصغيرة المهملة من الأمانات وشركة المياه وغيرهما من الحفارين في الأرض تبتلع الأطفال الصغار، ثم توسع النشاط وتم توفير حفر تستطيع أن تبتلع مواطنا وسيارته كاملين غير منقوصين.

ولا أدعي أني فوجئت بشبهة فساد ما لأن هذه الحفرة التي قتل فيها المواطن كانت نتيجة تعثر مشروع ما، لكني فقط أستغرب من قدرة الفساد على النمو طولا وعرضا بهذا الشكل ليترك حفرة بهذا الحجم في وسط الطريق ولسنوات دون أن يشعر أحد ما في مكان ما أن هذا الأمر غير منطقي.

لو كانت بقية أمور حياتنا تتطور بنفس الوتيرة التي يطور بها الفساد نفسه لكنت أكتب مقالي هذا من مكتبي في كوكب عطارد!

أعلم أن كتابة مقال عن «حفرة» في شارع يبدو موضوعا مستهلكا ومكررا ومملا، وهذه ليست المشكلة الرئيسية فكتابة مقال ممل أمر أفعله كل يوم، المشكلة هي أن موت المواطن في هذه الحفر أصبح موضوعا مستهلكا ومملا ومكررا ولا أحد يحب الحديث عنه.

وحين يصبح موت الناس بسبب هذه الأخطاء أمرا عاديا ومألوفا ولا مبرر للكتابة عنه فإن الفساد يصبح كائنا سعيدا صحيحا معافى لا يخيفه إلا فساد أعظم منه!

وعلى أي حال..

من المتوقع أن يتم تحميل الشاب المتوفى في تلك الحفرة العملاقة مسؤولية موته، وأن تنجو الحفرة وحافرها وكاتبها وشهودها.. هكذا جرت العادة وستستمر حتى يقع الفساد نفسه في حفرة مماثلة وتكسر رقبته!

صحيفة مكة