تحية وتعظيم سلام للمؤتمر الشعبي العام المقاوم للعدوان في ذكراه السنوية المباركة
د. عبد العزيز بن حبتور
مُنذ اللحظات الأولى لميلاد المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي يمني رائد جامع في 24 أغسطس 1982م، كان ولازال واسع الحضور والانتشار والتأثير الشعبي ما قبل الوحدة فيما كان يُسمَّى بالجمهورية العربية اليمنية، وازداد ذلك الانتشار والتأثير السياسي والجماهيري بعد الوحدة اليمنية المباركة في بقية اجزاء الوطن.
وحينما فكَّر مجموعة من المثقفين اليمنيين من ذوي التأهيل السياسي والأكاديمي والثقل الاجتماعي والوطني الواسع ومن مختلف الشرائح الاجتماعية اليمنية، فقد حشدوا خبراتهم التنظيمية والحزبية السياسية فيما عُرف لاحقاً بالميثاق الوطني والنظام الداخلي وبقية الأدبيات التنظيمية الحزبية وشكَّلت جميعها التراث الحزبي لهذا التنظيم الرائد المؤتمر الشعبي العام.
إنَّ المُتتبع الحصيف لمسيرة تنظيم المؤتمر الشعبي العام عبر عُمره الممتد لعقودٍ ثلاثة ونيف، سيجد فيه من الدلالات والدروس والمواقف والانجازات الوطنية ما لم يحققها أي تنظيم حزبي يمني آخر ولد على الساحة اليمنية بُعيد أو قُبيل تحقيق وانجاز ثورتي 26 سبتمبر 1962م، وثورة 14 أكتوبر 1963م، مع احترامنا وتقديرنا لجميع الاحزاب السياسية الوطنية التي ولدت قبل الثورتين اليمنيتين وحتى التي ولدت في خضم الثورة وهيجان ثوارها، ولذلك لا ضير لبقية القوى السياسية أن تدرس تجربة المؤتمر الشعبي ضمن مسيرته الطويلة نسبياً.
ماهي الدروس المستقاة من حزبنا الذي ولد في قلب التحولات الاجتماعية والثورية وعاش لحظات في تماس الحرب العالمية الباردة بين النظامين الاشتراكي الشرقي والرأسمالي الغربي:
أولاً:
نشأ التنظيم في ظل صراع سياسي وثقافي وعسكري حاد بين جنوب وشمال الوطن، وكانت هناك اجزاء من المناطق الوسطى اليمنية تعيش تحت سيطرة ما كان يُسمى تنظيم (حوشي) حزب الوحدة الشعبية، وهو عبارة عن تحالف الحزب الاشتراكي اليمني فرع الشمال مع قوى يسارية بعضها وطني والآخر متطرف، كانت تهدف لنقل التجربة الاشتراكية إلى شمال الوطن.
ثانياً:
يمنع وربما يُحرِّم دستور الجمهورية العربية اليمنية العمل الحزبي التعددي، ولكنها موجودة وتعمل تحت الأرض في نشاط تنظيمي سري، اراد المؤسسون لتنظيم المؤتمر أن يستوعبوا الطيف السياسي الحزبي الواسع ضمن قوام المؤتمر الشعبي العام، ولهذا نسمع كثيراً ما يقال بأنه مظلة وطنية استوعبت تيارات حزبية تنظيمه يمنية عديده وعملت من خلاله.
ثالثاً:
لاحظ المراقبون بأن الشخصيات اليمنية الوطنية قد انضوت في قوام صفوف التنظيم مما اكسبها قدراً عالياً وكبيراُ من احترام القوى السياسية الاخرى، وتحولوا في معظمهم إلى رجال دوله ساهموا في بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية الوطنية اليمنية التي كان لها حضور وطني واقليمي ودولي.
رابعاً:
قاد تنظيم المؤتمر الشعبي العام جميع السياسات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في ظل شُح في الامكانات والموارد الاقتصادية والمالية ولكنه انجز العديد من المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي وتحفل سجلات الحكومات المتعاقبة بمجلدات تصل في وزنها بالأطنان، وهي انجازات يفخر بها اليمن وسيفخر بها المقيمون بحيادية وموضوعية تجاه ما انجز في البنى التحتية، وقطاعات الصحة والتعليم، والتعليم العالي، والاتصالات، والنفط، والغاز، والنقل، والمواصلات وخلافه، بطبيعة الحال سيقول المنتقدون للسياسات التنموية التي قادها المؤتمر اشياءٍ عديدة وسيذكرون المثالب والاخطاء والتجاوزات وهذا حقهم، لكن نطلب منهم الحيادية في قول الانتقاد، أما الانتقاد غير البناء فهو يأتي في سياق المناكفة الحزبية ولا تتجاوزها.
خامساً:
شارك المؤتمر الشعبي العام بجميع اطيافه مع شريكه الحزب الاشتراكي اليمني (الجناح المنتصر في يناير1986م) في تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، وكان هذا الانجاز تاريخي بكل المقاييس الوطنية والإنسانية والأخلاقية، ودافع عنها بشرف وثبات حينما قرر فصيل في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني التنكر لدستور دولة الجمهورية اليمنية وأعلن الإنفصال، وبذلك كان لزاماً دستورياً وقانونياً وأخلاقياً الدفاع عن أراضي الجمهورية، هذا ما يحاول خصوم المؤتمر تشويه موقفه الوطني الثابت.
سادساً:
وقف المؤتمر بثبات لإقرار دستور الجمهورية اليمنية والاستفتاء الشعبي عليه، بينما رفض التجمع اليمني للإصلاح (تنظيم الإخوان المسلمين العالمي فرع اليمن) ذلك الدستور الذي نعمل به وفقاً لمواده وبنوده حتى يومنا هذا، وقد حشد المؤتمر الشعبي العام قواه الاجتماعية والحزبية وانصاره واصدقائه وتم الاستفتاء الشعبي بنجاح تام.
سابعاً:
اثبتت الأيام والسنين والمواقف الوطنية بأن المؤتمر الشعبي العام هو تنظيم وطني وحدوي مُقاوم، ومُنذ اليوم الأول للعدوان السعودي – الإماراتي، وقف المؤتمريون الوطنيون المقاومون الأحرار للعدوان، ثبتوا بمواقفهم إلى جانب انصار الله والجيش واللجان الشعبية، والتزموا باتفاق الشراكة الوطنية مع انصار الله وحلفائهم وشكلوا معاً المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ الوطني، بهدف توحيد الجبهة الداخلية لمقاومة العُدوان الوحشي على شعبنا اليمني العظيم.
وأن الاستمرار في تعزيز الجبهة الداخلية المقاومة بقيادة قائد الثورة الحبيب/ عبدالملك بدر الدين الحوثي، والقيادة السياسية برئاسة الأستاذ؟ مهدي محمد المشاط رئيس الجمهورية، وبمؤازرة ومشاركة حقيقية من الشيخ/ صادق بن أمين أبو راس رئيس المؤتمر الشعبي العام عضو المجلس السياسي الأعلى، ورفيقة الأستاذ/ غازي أحمد علي محسن لحول الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، ودعم لا حدود لهم من قبل الشيخ/ يحيى علي الراعي رئيس مجلس النواب، هذه القيادات الوطنية من كِلا الفريقين الشريكين هي صمام أمان مواصلة المقاومة حتى تحقيق النصر المؤزَّر للشعب اليمني العظيم.
الخلاصة:
بينما نحن أعضاء المؤتمر الشعبي العام وحلفائه بقواعده وقياداته وتحت القيادة الأمينة للشيخ/ صادق بن أمين أبو راس ونوابه والأمانة العامة للمؤتمر، ونحن نحتفي بالذكرى السنوية للتنظيم نحيي الرعيل الأول المؤسس للتنظيم، نسأل الله العلي القدير أن يُمن على الأحياء بالصحة وطول العمر وعلى من توفاه الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه ويسكنهم فسيح جناته، ونحيي في ذات الوقت الانتصارات العظيمة التي حققها جميع ابطال جيشنا البطل وقواته الأمنية واللجان الشعبية البطلة، ونحيي شعبنا اليمني العظيم على صبره وتحمله لكل هذه المتاعب والمعاناة التي سببها لهم الحصار الجائر والعُدوان الغاشم، ونقول لهم بأن يوم النصر المؤزر آتٍ لا ريب فيه، وبات قريباً جداً بإذن الله تعالى، واللَّهُ أَعْلَمُ مِنَّا جَميعاً.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
رئيس مجبس الوزراء
صنعاء
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2020/08/26