رسالة مفتوحة الى القوى الفلسطينية المجتمعة اليوم في بيروت
كمال خلف
بذات الوقت الذي تنشر فيه هذه السطور تكون الوفود الفلسطينية التي وصلت منذ الامس الى بيروت تستعد للتوجه الى مقر السفارة الفلسطينية لعقد اجتماعها لبحث مصير القضية الفلسطينية وما الت اليه الحالة الفلسطينية من بؤس . وانطلاقا من هذه اللحظة المصيرية في مسار قضيتنا لابد من اطلاق هذه الصرخة لعلها تجد مكانا لها في اذان من يمثلون شعب من اعظم شعوب هذه المنطقة وقضية من انبل قضايا البشرية .
ايها السادة الافاضل انكم الان امام مسؤولية تاريخية لقضية وشعب اكبر منكم جميعا ، وعليكم ان تدركوا وانتم تاخذون مقاعدكم لطرح افكاركم وتصوراتكم حول تحديات المرحلة انكم امام سؤال المصير “اما ان نكون او لا نكون ” . وان يكون لديكم كامل القناعة ان غالبية شعبكم غير مهتم بالخطب الرنانة والمبارزات اللفظية والمطولات البلاغية والكلام الحماسي والشعارات الحنجورية التي اعتاد على سماعها على مدى عقود ، بينما تستمر الماساة ويتغول الاحتلال وتنهب الارض ويذل الانسان وتهدم البيوت ويهاجر الاجئين الى اوروبا من ظلم ذوي القربى وبؤس المخيمات ، وان الغالبية الساحقة تعرف ادق تفاصيل الماساة التي وصلت اليها القضية فلا داعي لاعادة اجترارها امامه .
يا قادة الشعب الفلسطيني المجتمعين في بيروت .. لعل جلكم يعرف حق المعرفة بان غالبية شعبنا قرف من الحالة الفصائلية المنقسمة والمتشرذمة ولم يعد لديه ترف متابعة خلافاتكم واختلافكم فانتم اكثر من 15 فصيل بالداخل والخارج والكل ينادي بتحرير الارض واقامة دولة حرة مستقلة وانهاء الاحتلال ؛ هذا هو الهدف المشترك فليكن هو البرنامج لتحقيق الاهداف، بالمقاومة المسلحة حقا مشروعا لا يجب ان يدان اويتم اسقاطه باي حجة كانت او من اجل ارضاء اي طرف كان مهما كانت حجم الضغوط والحسابات ، وبالمفاوضات العنيدة لانتزاع الحقوق اسوة بكل الشعوب التي نالت استقلالها وحريتها فلا يلغي خيار الاخر بل تتكامل كل الجهود والخيارت لتحقيق الهدف .
ايها السادة هناك حقيقة يجب ان تكون التجربة والتاريخ قد ثبتها بشكل لا لبس فيه وهي ان لا احد في هذا العالم يعطيك شئيا ليس لديك القدرة على انتزاعه . بل ان العالم لا يحترم الضعفاء والخانعين والعجزة ، فانتم بقوة الشعب الذي يجب عليكم تفعيله والاستفادة من طاقاته وقدراته في كل اماكن تواجده في الداخل والخارج والشتات في المخيمات وفي اوروبا وامريكا والدول العربية قادرين على فرض انفسكم على العالم عنوة وليس بالاستجداء او استجرار التعاطف الدولي او تلاوة البيانات . لن يسمع احد صوت صراخنا ولو ذبحنا كلنا عن بكرة ابينا ، العالم يسمعنا عندما نقرر ان نكون قوة فاعلة متحركة على كل صعيد تضع اسرائيل ومن معها في مازق حقيقي لا ان نبقى وحدنا في هذا المازق وهذا يحتاج الى قرار شجاع ورجال تتحمل مسؤولية القرارات الصعبة في الزمن الصعب . فنحن لسنا افضل من مئات الاف الشهداء الذي ذهبوا الى الموت من اجل قضيتنا ، ولسنا افضل من عشرات الالف الاسرى في سجون الاحتلال والحياة وقفة عز .
ايها القادة نامل ان لايكون اجتماعكم ردة فعل على تهافت انظمة عربية للتطبيع مع اسرائيل وان لا تكون مناسبة لشتم تلك الانظمة واتهامها بالخيانة ، فهذا لن يكون مجديا ، فعلينا البحث في الاسباب الحقيقة التي دفعت البيئة السياسية العربية الى مثل هذا الحال المؤسف. ولعل بعض الاسباب تكمن في وقعنا نحن . فعندما خاض شعبنا الانتفاضة الاولى و الثانية لحق بنا كل العرب شعوبا وانظمة . وعندما اطلقتم الثورة الفلسطينية المعاصرة قبل ذلك عام 65 كانت الانظمة العربية تتباهى بدعمها ،وهذا يثبت حقيقة اننا نحن المعيار عندما نضعف ونتراخى ونعجز يفتح الباب لعقد الصفقات مع اسرائيل وبالعكس. ان باب التطبيع يغلق تماما عندما نكون متحدين فصائل وسلطة وشعب ونخب ولدينا قرار واحد ومشروع واحد نفرضه على العالم.
ايها السادة باختصار شديد ننتظر افعالا لا اقوال.. استراتيجية لا تكتيكات مصلحية مؤقته.. قرار وطني لا انا فصائلي متضخم. مشروع وطني لا ايديولوجيات. والاهم اشراك الشعب والنخب الفلسطينية المنتشرة في كل اصقاع الارض. فلتكن مؤتمرات شعبية تاسيسية في الوطن والمخيمات تطرح فيها برامج تحركات شعبية وتصورات لحالة فلسطينية جديدة تواكب التحديات فلتكن اجتماعات مفتوحة وقرارات عملية واليات واقعية لا اجتماع تعودون بعده الى ضرب كوع وشرب الشاي. انتم اليوم مسؤولون امام الشعب والله والتاريخ عما تفعلون فكونوا على قدر خطورة المرحلة ونحن بانتظار ما سيفضي اليه اجتماعكم.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2020/09/04