سورية والحليف الروسي… مسارات المواجهة
ربى يوسف شاهين
منذ العام 2015 وبطلب من القيادة السورية، كان للدور الروسي السياسي والعسكري في سورية الأثر الكبير في تغيير مسار الحرب الإرهابية عليها، وذلك من منطلق الحق السيادي للدولة السورية، التي تعرّضت لحرب إرهابية كونية على مدار العشر سنوات.
فكان التشابك السياسي والعسكري والاقتصادي في كثير من المفاصل الهامة، بدءاً من دور الحليف الروسي السياسي في المحافل والمنظمات الدولية، مروراً بالتعاون العسكري على مستوى القادة العسكريين وتزويد سورية بـ منظومة S-300، إلى التعاون الاقتصادي والإنساني في إعادة الإعمار وملف اللاجئين.
فـ الاصطفافات السياسية التي شهدها النظام العالمي تجاه روسيا، بالنسبة لمسألة الحرب الإرهابية على سورية، تدرّجت ما بين مستويات مرتفعة ومنخفضة، وذلك عبر التعاطي السياسي واستعراض القوى في البحار والمحيطات مع الدول المنحازة في قراراتها لواشنطن، فمثلاً استغلال الملف الأوكراني مروراً بفرضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، إلى الانسحاب من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، إلى حدّ التدخل في طبيعة العلاقة الروسية الإيرانية ومحاولة خلق شرخ سياسي أو عسكري على الأرض السورية، عبر الإعلام الغربي لتعزيز فكرة التناقضات وزيادة حدّتها لاستثمارها خلال التواجد الأميركي في الشمال السوري.
الولايات المتحدة الأميركية التي لا تؤمن أساساً بالتحالف المتين مع أدواتها عبر تاريخها السياسي والعسكري، أدركت خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، متانة العلاقة الروسية الإيرانية السورية، من خلال مجموعة كبيرة من التحديات، والمواجهة التي فُرضت على كلّ من الحليفين الروسي والإيراني.
روسيا الاتحادية تُعزز دورها القوي مع سورية عبر جملة من التحركات السياسية والعسكرية والاقتصادية، الخارجية منها والداخلية، وذلك على مستوى العلاقة الاستراتيجية بين الدولتين الروسية والسورية، وهذا ما أكد عليه الجانبان خلال زيارة الوفد الروسي رفيع المستوى إلى دمشق، ففي المؤتمر الصحافي الذي جمع وزيري الخارجية السوري والروسي.
إذ تُعدّ هذه الزيارة لـ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لدمشق، مع دبلوماسيين روسيّين اقتصاديين وسياسيين، دعماً مضافاً في هذه المرحلة الدقيقة، خاصة مع التطورات الحاصلة والتي سبقت الزيارة، كـ زيارة غير بيدرسون الى موسكو عقب انتهاء اجتماع الأعضاء في جنيف، وأيضاً بالنسبة للملف الكردي، وما توصل له الجانبان في آخر لقاء جمعهما مع مسؤولين في “مسد”.
وأيضاً بالنسبة للتطورات في الشمال بشكل عام، واستكمال القضاء على المجموعات الإرهابية وخاصة في إدلب، والذي عبّر عنه الوزير سيرغي لافروف بقوله “وثائق أستانة والتفاهمات الروسية التركية تنص على وحدة سورية وسلامة أراضي سورية”.
وبدت جلية أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية عبر الاستثمار لتوقيع عقود تجارية في شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل. فمسألة تعزيز التعاون الاقتصادي الاستراتيجي بين البلدين، تأتي استكمالاً للتعاون الأمني والعسكري.
روسيا الحليف والصديق تشكل بالنسبة لسورية عنصراً أساسياً في مواجهة الغطرسة السياسية الأميركية ومواجهة الحرب الإرهابية، وهذا ما عبّر عنه الرئيس بشار الأسد بقوله “الحكومة السورية عازمة على مواصلة العمل مع الحلفاء الروس بغية تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، بما في ذلك إنجاح الاستثمارات الروسية في سورية”.
رغم تشابك العلاقات التي فرضتها الحرب الإرهابية على سورية، سواء بالنسبة لعلاقة روسيا بالعدو الإسرائيلي أو بالعدو التركي أو بالعدو الأميركي، تبقى العلاقة الروسية السورية علاقة استراتيجية تحكمها المصالح المتبادلة، والتي شكّلت بالنسبة لروسيا اعتدال موازين القوى التي حاولت واشنطن سحبها لصالحها، ليكون زمن القطب الواحد المتمثل بالأميركي قد ولى، وبالنسبة لسورية استكمالاً لمسيرة التحالف ومحاربة الإرهاب حتى تحقيق السيادة على كامل التراب السوري.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2020/09/11