العقوبات الأميركية على باسيل: هل تُجمّد مفاوضات الترسيم؟
ميسم رزق
في إشارة قد تكون الأوضَح على ربط الولايات المتحدة ملف الترسيم البحري بالعقوبات التي فرضتها على رئيس تكتّل «لبنان القوي» جبران باسيل، هو التوقيت الذي أُعلِنت فيه. فإلى جانب الطلب الأميركي، وفقَ ما قال باسيل، بإعلان فكّ التحالف مع حزب الله، لا يُمكن سحب مسار المفاوضات غير المباشرة التي تجري على الحدود من لائحة الأسباب التي دفعت الإدارة الأميركية الى اتخاذ قرار بتنفيذ تهديدها.
وقائع الجلستين الأخيرتين (الثانية والثالثة) وضَعت الوفد الإسرائيلي المفاوض في حالة تأهب، واستنفرت الجانب الأميركي الذي سارعت سفيرته في بيروت دوروثي شيا الى زيارة قصر بعبدا للضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون للتراجع عن الخرائط التي يريد لبنان الانطلاق منها كقاعدة للتفاوض، والتي تبيّن أن حقه في المياه البحرية ليسَ محصوراً في الـ863 كيلومتراً مربعاً، بل يمتدّ الى أكثر من 2290 كيلومتراً مربعاً، ليصبح بذلك نصف حقل كاريش النفطي داخل المياه اللبنانية.
هناك الكثير من الحديث عن أن قرار العقوبات الذي فرض على باسيل يهدف في مكان ما الى استكمال الضغط على عون للعودة الى المساحة المسموح بها أميركياً، والتراجع عن نقطة البداية التي أرادها رئيس الجمهورية، ودفعت بوزارة الطاقة الإسرائيلية الى إعلان النفير، والتهديد بأن هذا الأمر من شأنه تعقيد المفاوضات أو تعليقها، لأن «إسرائيل لن تجري مفاوضات مع لبنان على حقلي الغاز كاريش وتنين»، ووفدها في الناقورة «غير مخوّل بالبحث بأكثر من موضوع ملكية المساحة المتنازع عليها والبالغة 860 كلم²».
في الأيام التي تلَت انعقاد الجلستين الأخيرتين، كانَت الأنظار متجهة إلى مصير الجلسة الرابعة المُزمع عقدها يومَ غد في الناقورة. غيرَ أن عاملين جديدين دخلا على الخط ويطرحان علامات استفهام حول تأثيرهما على مسار التفاوض؛ الأول هو وضع باسيل على لائحة العقوبات، والثاني الانتخابات الأميركية التي أطاحت الرئيس دونالد ترامب.
في الزمان، تؤكّد مصادر مطلعة أن الجلسة لا تزال قائمة في موعدها، وأن لبنان لم يتبلّغ أي تأجيل. أما بشأن ما هو منتظر من هذه الجلسة، فتعتبر المصادر أنه «يجِب انتظار ما سيحمله الوفد العسكري اللبناني الى الطاولة. فهل يُصرّ على مطالبه أم ستكون هناك مفاجآت جديدة؟». وتساءلت المصادر عن مدى تأثير هذه العقوبات على قدرة الوفد على التفاوض، واستغلال العدو الإسرائيلي لهذه النقطة، خاصة أن اثنين من أعضاء الوفد، وهما الخبير نجيب مسيحي وعضو هيئة إدارة قطاع النفط وسام شباط مقرّبان جداً من عون وباسيل، وقد جرى ضمّهما إلى الوفد بإصرار من الأخيرين.
مصير الجلسة يتوقّف على ما سيحمله الوفد الإسرائيلي الى الناقورة
وفي حال لم تؤجّل الجلسة، تقول المصادر، فإن مصيرها يتوقّف أيضاً على ما سيحمله الوفد الإسرائيلي الى الناقورة. فهل يأتي متسلحاً بهذه العقوبات للتشدّد أكثر في موقفه؟ وهل سيرمي طرحاً جديداً غير متوقع من شأنه أن يخرّب أجواء التفاوض ويدفع لبنان الى الاعتراض لتصويره في موقع المعرقل؟
وتؤكّد المصادر أنه «لا بد من الأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة»؛ فإدارة ترامب كانت تستعجل إنجاز الاتفاق بينَ لبنان والعدو الإسرائيلي لاستثماره لمصلحة ترامب، لذا فإن التغيير الذي حصل من شأنه أن يغيّر في مسار عملية التفاوض غير المباشر، ويدفع الطرفين، أي لبنان و«إسرائيل»، الى التمسك أكثر كلّ منهما بمطالبه، ما يعني أن الاتفاق الذي كانت تسعى واشنطن الى تحقيقه في أسابيع، قد يؤجل إلى أشهر وسنوات.
جريدة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2020/11/10