قضايا المنطقة بين التفتيت والتطرف والتدويل
منصور الجمري ..
أخبار الصراعات والحروب والأزمات في المنطقة أصبحت تتصدَّر النشرات الإخبارية والصحف والمواقع في كل مكان في العالم، ويمكن ملاحظة أنَّ مختلف أنواع الصراعات والأزمات تتَّخذ طابعاً تفريقيّاً وتفتيتيّاً للمجتمعات بما يهدّد التماسك الاجتماعي.
هذا التفريق تراه يتخذ أنماطاً مرعبة، مثل نمط الصراع الطائفي، أو الصراع القبلي، أو المناطقي، أو الإثني، إلى الدرجة التي أصبحت فيه هذه الهويّات تنتصر في عدد من المناطق على الهوية الوطنية الجامعة.
هذا التفتيت يوفر فرصاً سانحة للجماعات المتطرّفة التي تستطيع استخدام الخطابات الحماسيَّة؛ لجذب الشباب نحو العنف والإرهاب، من أجل الانتقام من الأوضاع الحالية، حتى ولو كان ذلك يعني العودة إلى عصور الظلام والتخلف والقتل والوحشية. فاليأس والبؤس يوفران فرصة سانحة لمن يبيع الجِنان عبر الموت، وعبر تدمير الذات، وتدمير الأوطان، ومادام الجميع يخسر، فالمسابقة تتحول إلى من يدمر أكثر، ومن يتسبَّب في خسارة الآخرين بصورة أكبر.
التطرف يحرك العنف والإرهاب عبر الحدود، ويصل بآثاره إلى أماكن بعيدة، الى أوروبا وإفريقيا وآسيا وأميركا، وبالتالي فإنَّ الوضع يتحول إلى شأن دولي. ولأنَّ بلداننا تعيش أزمات متلاحقة، وتعاني من اتجاهات تفرق المجتمعات، فإنَّها أضعف من التأثير على الأجندة العالميَّة التي تتحرك نحو تدويل قضايا المنطقة، الواحدة تلو الأخرى، ومن ثم وضع حلول تتناسب مع القوى المؤثرة في عالم اليوم.
نعود إلى الوراء مئة عام، وذلك لأنَّ العام 1916 شهد عجز النظام القديم (الدولة العثمانية، الخ) عن حلّ مشاكله، وبالتالي تدخلت القوى المسيطرة آنذاك (بريطانيا وفرنسا) لتخطيط المنطقة وحلّ مشاكلها بما يتلاءم ومصالحهما القوميَّة أولاً. وحاليّاً، في 2016، فإنَّ قضايا المنطقة أصبحت أيضاً في يد قوى مؤثرة، وهذه تتنافس حاليّاً لوضع نظام إقليمي جديد.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/04/16