فرنسا تعود إلى رعاية لبنان بتأييد أميركيّ – سعوديّ
د. وفيق إبراهيم
إعلان الفرنسيين عن وضع آلية مالية لرعاية الشأن اللبناني يؤكد أن الأميركيين والسعوديين من القوى الداعمة لمثل هذا الاقتراح، كما يؤكد أن الصيغة المارونيّة اللبنانيّة التاريخيّة موافقة بدورها على هذا الدور بما يؤدي الى إبعاد الدور السعودي او تحويله نحو تأييد الدور الفرنسي.
لبنان اذاً ضمن الحركتين الفرنسية والسعودية، وربما الفرنسية فقط. وهذا يعني إقصاء أي محاولات روسية للتسلل الى بلاد الأرز.
فهل تتمكن فرنسا من رعاية الوضع اللبناني؟
بات أكيداً أن دوراً فرنسياً مدعوماً من الأميركيين والسعوديين في طور التبلور لمكافحة الأدوار الإيرانية – السورية او مشاركتها على الأقل في مسألة حماية لبنان من الاضطرابات الداخلية والخارجية.
فهل ينجح الفرنسيون في هذه المهمة الشاقة؟
يعتمد الفرنسيون على الدعم الماروني التاريخي لهم وتأييد سعد الحريري المفتوح بما يعني أن تحالفاً سنياً – مارونياً يتوثب لتغطية التدخل الفرنسي المدعوم أيضاً من السعوديين والأميركيين، بذلك يتشكل حلف قوي قادر على إلحاق الأذى بالمكونات الأخرى، لكن مشكلته أن القوى التي تجابهه ليست بقليلة.
فهناك حزب الله وهو واحد من أقوى المكوّنات اللبنانية وحتى الإقليمية، بالإضافة الى سورية مع دعم إيرانيّ مفتوح ما يجعل من الساحة اللبنانيّة ميدان قتال ضروس غير قابل للحسم السريع، خصوصاً أن حزب الله يتمتع ببنية عسكرية ليست عادية وتأييد شعبي واسع جداً في لبنان ويلعب دوراً عسكرياً كبيراً في شرق سورية وغربها.
فهل هذا يعني أن الساحة اللبنانية مقبلة لتتحوّل إلى ميدان قتال فرنسي مدعوم سعودياً وأميركياً مقابل إيران وسورية وحزب الله. فمثل هذا النمط من القتال لا ينتهي بسرعة وشديد الكلفة على المشاركين به وداعميه.
هذا يدفع الى التساؤل عن العصبية المارونية الحاكمة والطرف السنيّ، هل يقاتل هذان الفريقان الى جانب الفريق الفرنسي – الأميركي ام يكتفيان بالتأييد السياسي لهما؟
لذلك فإن التساؤل الأساسي إلى أين؟
فهناك أحزاب جعجع وجنبلاط والكتائب وهؤلاء منخرطون طبيعيّاً إلى الجانب الفرنسي الأميركي لمعادتهم حزب الله وإيران وسورية.
فهل تتحوّل ساحات لبنان إلى ميادين صراع ويخسر بالتالي فرص الإنقاذ الاقتصادي؟
الخليج السعودي – الإماراتي الداعم للبنان يجنح نحو تأييد لبنان المتورّط في الحروب في وجه سورية وإيران وحزب الله.
هناك احتمال وحيد هو صعب التحقق حالياً، وهو أن تحدث اتفاقات سعودية إيرانية أو سعودية سورية وان تتمكن دولة الإمارات من نسج علاقات عميقة مع السوريين. وهذا يمنع اندلاع حروب في ساحات لبنان.
فهل تنجح فرنسا في تأمين رعاية مالية واسعة للبنان وتقيه شر الحروب والاضطرابات؟ يبدو أن الفرنسيين نجحوا في بناء معادلة مالية لدعم لبنان تقوم على دعم فرنسي أولاً يليه دعم سعودي وأخيراً دعم أميركي، لأن الذهاب الى هذه الوضعيّة تؤكد مدى أهميّة لبنان في أوروبا وأميركا. يكفي أن حزب الله الذي يؤدي دوره في لبنان وسورية دور بيضة القبان التي تعطي حاملها أرجحيّة مميزة. هذا هو حزب الله الذي يسيطر على لبنان برقي وحضارة من دون أن يثير أي إرباك لدى القوى الأخرى وبشكل لا يزعج فيه النظام السياسي اللبناني، بل يدعمه مؤيداً دوره وحركته من دون أن يُحدث اي ازعاج او قلق.
لكن حزب الله لن يقبل بأدوار أميركية فرنسية معادية له بشكل خاص في ساحات لبنان، وقد يجد أن التصدّي لها أمر مربح يمكن توظيفه في ساحات الإقليم الأخرى لأن أية هزيمة للحزب في لبنان هي هزيمة لإيران في المحور السوري – الايراني وهي هزيمة لسورية، لذلك حدود الحركة الأميركية الفرنسية مرتبطة بقدرة حزب الله على استيعاب الموقف المتطوّر وإمكاناته في تحويل هذا الصراع الى شبه تسوية أميركية – سورية إيرانية فرنسية تلعب دوراً متوازياً في لبنان على أساسين: منعه من الانفجار مع الاستمرار في دعمه اقتصادياً.
هنا يمكن للإيرانيين أن يؤدوا دوراً اقتصادياً مفتوحاً في تصدير النفط والدعم المالي للبنان بموافقات مسبقة من الأوروبيين والأميركيين، كما انه يمكن للسوريين أن يؤدوا دور الضامن للأمن اللبناني بالاشتراك مع إيران وفرنسا والأميركيين.
فهل تنجح هذه الدول برعاية لبنان؟
يبدو أن التسوية حول لبنان هي الطريقة الوحيدة التي تحمي لبنان من الانهيار، وذلك بالرعايات الدولية والإقليمية وحفظ العصبيّة المارونيّة الأساسيّة والدور السني المدعوم سعودياً وحماية حزب الله بالتأييدين السوري والإيراني.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2021/06/14