قضايا دفنت مع أصحابها
صالح الشيحي ..
لا جديد حينما يقول إن القمع ظاهرة عربية متجذرة.. في كتابه الشهير والمثير "العرب.. وجهة نظر يابانية"، أراد "نوتوهارا" أن يقدم خلاصة تجربته في المجتمعات العربية، بعدما عاش أدق التفاصيل.. تجوّل طويلا.. طويلا.. في الجامعة والمدرسة والشارع.. في المدن والقرى والأرياف وصولا إلى حياة البادية!
توصل "نوتوهارا" إلى أس المشكلة العربية، وهو لغة (القمع)..
أتذكر وصفه لحالات الفصول الدراسية في إحدى الدول العربية أثناء الحصة الدراسية الأولى.. الوصف مؤلم.. حيث يعلو صراخ الأطفال وبكاؤهم بسبب ضرب المعلمين لهم بوحشية في الصباح الباكر!
سنوات طويلة من عمر الكاتب، تجول خلالها في مصر والمغرب واليمن وبلاد الشام.. أراد من خلالها سبر هذا المجتمع العربي ورصد أطيافه ومشاربه..
أراد في نهاية مطافه أن يقدم لـ"العرب" رأيه في "العرب"، بلغة عربية كانت مرهقة له.. لكنها أسهمت -ربما دون أن يعلم- في انتشار الكِتاب؛ لوضوحها ودقتها ومباشرتها..
سأحصر الحديث اليوم عن العنف الأسري.. والأسرة على كل حال ركن مهم في المجتمع.. كالمسجد والمدرسة والشارع وغيرها.. وسأتوقف أمام حديث الدكتورة "مها المنيف" حينما أوردت 3 أرقام مهمة خلال برنامج (يا هلا): تلقينا 38 ألف بلاغ في عام 2015!
%20 من الاتصالات كانت جادة، العنف هو ثاني أهم قضية فيها، والأول كان مشاكل أسرية، %60 من البلاغات التلفونية حول التعنيف تأتي الآن من أطفال! ما أود قوله للأخت القديرة "مها المنيف" ولغيرها من المهتمين في قضايا العنف، إننا لا نتحدث عن حالات فردية.. أو خارجة عن المألوف.. هذه حالة ثقافية عامة.. لكنها لم تكن ظاهرة على السطح.. وما يظهر منها الآن هو رأس جبل الجليد.. الهواتف والمواقع الاجتماعية أظهرت شيئا، وغابت أشياء.. هذا جزء من واقعنا العربي وليس المحلي فقط.. كم من القضايا والمآسي دفنت مع أصحابها دون أن يعلم عنها أحد..
كشف الأرقام للمجتمع كالمرآة العاكسة.. مهم أن يرى المجتمع صورته القاتمة.. لكن الأهم -وهذا خلاصة المقال- هو القانون، طالما لا يوجد قانون حماية واضح وصريح وصارم، فالعنف سيستمر ويثبت لنا أنه ثقافة عامة عصيّة على التغيير!
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/05/02