لغز الأسنان!
عبدالله المزهر ..
يصعب النظر لمشهد حرق أحد خريجي طب وجراحة الأسنان «لصورة» من شهادة تخرجه من زاوية واحدة فالمشهد «له وعليه». هذه الحقيقة الأولى. الكلام النظري والمثالي والجميل أن الشهادة والدراسة والعلم يفترض أنها من أجل العلم نفسه ومن أجل بناء الشخصية وليست من أجل الحصول على وظيفة «حكومية».
والخريج يجب أن «يتعب» قليلا في بداية حياته ليرسم طريقه فيما تبقى منها، وأن يقبل بالقليل في أول الأمر حتى يحصل على الكثير في آخره. والحقيقة الأخرى أن كثيرا من خريجي مثل هذه التخصصات لا يقبلون بالعمل خارج المدن ولو لفترة موقتة في بداية الحياة الوظيفية. والحقيقة الثالثة أن وجود البطالة وشح الوظائف أمر واضح الحدوث، ويبدو منطقيا ومقبولا ومتفهما حين تكون أعداد الخريجين أكثر من حاجة سوق العمل.
أما اللغز الذي لم أفهمه لأني فاشل في حل الألغاز فهو أن يكون لدينا كل هذا العدد من أطباء الأسنان المتعاقدين القادمين من مشارق الأرض ومغاربها ثم يفشل طبيب سعودي في الحصول على عمل. وهناك احتمالان منطقيان لهذه الحالة، الأول أن الطبيب السعودي غير جاد في البحث عن عمل، وهذا احتمال يكذبه الواقع ومثال ذلك مشهد حرق الخريج لصورة شهادته كتعبير رمزي للاحتجاج على عدم توظيفه ـ مع أن أسباب احتجاجه تبدو غير منطقية ـ، والاحتمال الآخر أن المشافي السعودية بشقيها الحكومي والخاص لا تثق في مخرجات التعليم السعودي، وهذا أمر أيضا يكذبه الواقع الذي يقول إنه يوجد خريجون سعوديون حصلوا على شهاداتهم من خارج السعودية ولم يفلحوا أيضا في الحصول على عمل.
وعلى أي حال..
الاحتمال الثالث ـ غير المنطقي ـ هو أن هذه المشافي لا تثق في السعوديين جملة وتفصيلا بغض النظر عن المكان الذي تعلموا فيه. ويبقى الأمر الأكثر وضوحا في كل ما سبق أن كل الاحتمالات تعزز فكرة أن الأمر لغز لم أفهمه!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/05/17