نكبوكم من أجل مصلحتكم!
عبدالله المزهر ..
ولأننا حديثو عهد بالانتخابات وما قرّب إليها من قول أو عمل فإننا نستغرب أحيانا ذلك «الحنان» المفاجئ الذي يظهر من البعض، ثم لا نلبث أن نصدّق ثم نوالي ثم ندافع. وهذه براءة لا تعيبنا بالطبع. نحن أبرياء إلى درجة أننا يمكن أن نثق بكلام أي أحد لمجرد أنه شيخ لشيء ماء.
والشيوخ أنواع ـ كما تعلمون ـ وكلهم على حق دائما، لأن الباطل تصنعه براءة وسذاجة الأتباع والعامة والدهماء أمثالي وأمثالكم.
قبل انتخابات الغرف التجارية ـ على سبيل المثال ليس إلا ـ يبدأ الحنان في الانهمار على رؤوس العاطلين والباحثين عن عمل، فتوزع الجوائز ذات الطابع الوطني وتحبر القراطيس بالخطب العصماء وتكثر الندوات التي تتحدث عن أنهم الشغل الشاغل لهذا المرشح أو ذاك الذين حرموا لذّة النوم والحياة السعيدة، حرمهم من ذلك التفكير في البطالة وكيفية مساعدة هذا الشاب السعودي الباحث عن عمل.
بعض المرشحين قد يتقن تقمص شخصية الوطني المشغول بأبناء وطنه إلى درجة أنه هو نفسه يصدّق ما يقول مع أن تاريخه مع العاطلين أكثر سوادا من الليل الذي يقول إنه لا ينامه.
والحق أن هذه مشكلة أكبر من مشكلة تصديق الناس له، فالناس إن صدقوه فلن يحدث لهم أكثر مما حدث، لكنه إن صدق نفسه فإن ضرره قد يتجاوز مجرد الكذب في الكلام إلى الضر في الفعال.
وعلى أي حال..
ربما نحتاج إلى كثير من الانتخابات، وكثير من الدجالين، وكثير من «المقالب» حتى نتخلى عن براءتنا، ونقتل سذاجتنا. هذه الدروس تعلمها الناس بالتجربة ولن نتعلمها بالسماع. وإلى أن يحين ذلك الوقت سددوا أقساطكم وديونكم يرحمكم الله لأولئك الذين «نكبوكم» ويقولون اليوم إنهم فعلوا ذلك من أجل مصلحتكم التي تجهلونها بالطبع!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/05/18