لنكن ظاهرة صوتية
عبدالمحسن هلال ..
مرت الذكرى 68 لنكبة العام 1948 الثلاثاء الماضي مرور الكرام على كثيرين، ربما أنا أولهم، مرت على إعلامنا العربي من المحيط إلى الخليج، ومن تذكرها منهم ذكرها في صفحاته الداخلية، ومرت على القنوات الإخبارية فلم تجد لها مكانا إلا في ثنايا نشراتها التلفازية، على عكس الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي حيث كانت القضية حاضرة بكل زخمها، وهذه مفارقة - رغم غرابتها - مفرحة، إذ أن معظم مستخدمي الإعلام الجديد ووسائل تواصله من فئة الشباب، وهم الهدف الأول لعمليات غسل المخ لمحو القضية الفلسطينية من عقله ومن ذاكرته.
ليس هذا تقليبا للمواجع ولا هو أداء واجب ولا حتى استحضار ضمير غائب، هو تذكير عله ينفع المؤمنين، المؤمنين بأن لهم حقا في الأقصى الشريف، مسرى النبي الكريم عليه السلام، لا يسقط بالتقادم، المؤمنين بأن لهم أرضا مسلوبة ووطنا مسروقا لن يردهم عنه وقوف العالم ضده. لم تعد فلسطين تطلب منا كثيرا بعد نسيناها طويلا، كل ما تطلب تذكر يوم نكبتها وتذكير العالم بها، لم تعد تطلب مالا ولا عتادا، تطالب بدعم معنوي وحسب، دعم إنساني فقط، دعم لحق أهلها في بلدهم، دعم لفظي صوتي، ألسنا ظاهرة صوتية، هم يحتاجون دعم الصوت والكلمة، وهذا أقوى قليلا من أضعف الإيمان في مواجهة المنكر، صوت توصله لابنك كإرث عجزت عن إدراكه فتوصيه به، وصوت توصله للعالم أن آخر احتلال في العالم ما زال موجودا بفضل مساعدة هذا العالم.
على مدار 68 عاما حاربت (إسرائيل) لفرض سياسة الأمر الواقع وإلى اليوم لم يستتب لها هذا الواقع، 68 عاما والقضية ما زالت حية في نفوس أصحابها ونفوس شرفاء العالم، لم يتحول الفلسطينيون لهنود حمر ولم تطو أوراق قضيتهم، 68 عاما من محاولات التيئيس والتحبيط والخذلان من الأخ والصديق والعدو والقضية ما زالت حية، لم ينسها إلا بعض العرب. أسقطت (إسرائيل) كثيرا من الأنظمة والجيوش العربية ولم يثبت الواقع الذي تريد، ثلثت بالمجتمعات العربية، فزرعت بينهم العداوة والبغضاء، فظهرت العنصرية والطائفية والفئوية، فهل نعي من أين نؤخذ؟ كثيرون يشكون في مقولة أن فلسطين توحد العرب والمسلمين حول هدف سام وكبير، وبعض يظن أنها سبب فرقتهم، آخرون أكثر جهلا يقولون إن الفلسطينيين باعوا أرضهم فليتحملوا وزرهم وحدهم، انسوا الآن صهاينة العرب فهم أسخف من أن يرد عليهم. لا أحد يخيف (إسرائيل) سوى رفض الشعب العربي لوجودها، وهي تظن أنها فرقته وأشغلته ليستتب أمرها الواقع، قالها قبلها الصليبيون ومكثوا فيها أطول ثم طردوا، انتظار الشعوب قد يطول لكنه آت وإن تأخر، التاريخ يقول ذلك.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/05/20