التقويم التعليمي المؤجل
عيسى الحليان ..
عندما أصبح الرئيس «بيل كلينتون»حاكما لولاية «أركنسو» كان أول عمل يقوم به هو فرض اختبار الكفاءة على المعلمين وعندها خاض الرئيس معركة شرسة وفاصلة مع المعلمين ونقاباتهم لكنه خرج منتصرا في نهاية المعركة وكانت هذه النتيجة - لمن لا يعرف - مقدمة لفوزه برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لأن تلك الخطوة التاريخية نقلت هذه الولاية - ولأول مرة - من ولاية تقبع في ذيل قائمة أفقر الولايات في أمريكا إلى ولاية يقوم اقتصادها على كفاءة الإنتاج والتنافسية.
بعد كل هذا التخاذل والتردد الذي ساد هذه الحقبة التعليمية في مسألة تطبيق اختبارات كفاءة المعلم و قياس مستوى الخريج بسبب المجاملات وتجنب الحساسيات وعدم كشف المستور، والتي تحولت فيما بعد إلى ثقافة عامة على حساب تعليم ووطن فكل نتيجة كانت تجر أخرى اسوأ، وأي حلول أخرى تبدأ خارج هذا المربع الذي تحول إلى ما يشبه «التابو» فاعرف أنها مضيعة للوقت وضحك على الذقون ولن يكتب لها النجاح، لأن كفاءة الخريج تظل هي الهدف الأساسي للمؤسسة التعليمية ولا يمكن تحقيق اختراق في أدائها دون قياس مخرجاتها مهما كانت كفاءتها وعندها سيبدأ التطوير والإصلاح من داخل المؤسسة قبل أن يوجه لها قسرا من خارج أسوارها، وربما دون نتيجة.
أما المعلم فهو نقطة الارتكاز في العملية التعليمية ومن دون قياس لكفاءته ومهنيته وإدماجها في آليات ولوائح التعيين والتوظيف والترقية والفصل من دون مراوغة أو خلط متعمد للأوراق، فلن يتطور أداؤه ولا حتى أداء الجامعات والمعاهد التي تقوم بإعداده.
لدينا هيئة تقويم التعليم العام التي تم تأسيسها في 22/4/1434 هـ وأول اختصاصاتها المكتوبة في نظامها كان ينص إعداد المعايير المهنية واختبارات الكفايات وتقويم أداء المدارس الحكومية والخاصة، فما الذي تحقق من هذا الهدف حتى الآن ..ومتى؟
طالما كان تجنب الحساسيات وعدم مواجهة المشكلات وتجنب إثارة المشاعر وشراء الوقت هي الحفرة الأكبر التي وأدت فيها معظم طموحاتنا على أكثر من صعيد بعد أن تحولت إلى «فوبيا» خطيرة لا تبقي ولا تذر وأصبح مسألة ركن الملفات الشائكة عادية جدا وهي السائد في عرف هذه الثقافة المتراكمة على حساب قطاعات حساسة لا تقبل التأخير أو المساومة ومن بينها التعليم، فاعلم هداك الله أن مسألة القياس أو التقويم لن تكون الاستثناء الوحيد من تلك الثقافة
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/05/22