ماذا يعني أن 53 % من البحرينيين في السجون «إرهابيون»!
هاني الفردان ..
أرقام تحتاج إلى مراجعة، وتحتاج إلى دراسة، وتحتاج إلى تأمل بعين فاحصة ومدققة، فأرقام مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين التي أعلنت عنها في (25 مايو/ أيار 2016) تكشف عن مؤشر «خطير»، فأكثر من نصف البحرينيين (53 في المئة) من المسجونين البحرينيين في مركز إصلاح وتأهيل النزلاء في سجن جو مصنّفون ضمن قضايا «الشغب والإرهاب».
فقد أعلنت مفوضية حقوق السجناء في تقريرها بشأن الزيارة غير المعلنة (المفاجئة) التي قامت بها إلى مركز إصلاح وتأهيل النزلاء بجو، خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، عن أن عدد النزلاء في المركز ضمن قضايا الإرهاب والشغب يبلغ 1021 نزيلاً، وأن الفائض على السعة الاستيعابية هناك يبلغ حتى الشهر المذكور 323 نزيلاً، علماً أنه في 15 نوفمبر 2015 بلغ العدد 2468 نزيلاً، في حين أن السعة الاستيعابية للمركز هي 2145 نزيلاً.
بلغ عدد البحرينيين 1944 نزيلاً في حين أن عدد غير البحرينيين 524 نزيلاً، أما بالنسبة إلى عدد النزلاء بحسب نوعية الجرائم التي ارتكبوها فقد جاءت على النحو الآتي: جرائم القتل 48 نزيلاً، جرائم المخدرات 663 نزيلاً، جرائم السرقة 224 نزيلاً، جرائم الإرهاب والشغب 1021 نزيلاً، الجرائم الأخرى والتي منها القضايا المرورية، الإقامة غير الشرعية، الجرائم المالية وغيرها 512 نزيلاً.
البحرينيون منذ سنوات طويلة لم يشهدوا هذا الرقم في السجون، ولم تكن سجون البحرين تمتلئ بهذه الأرقام، إلا في مرحلتين تاريخيتين الأولى ما عُرف بـ «أحداث التسعينات» والتي كان مطلبها الرئيسي الإصلاح السياسي وعودة المجلس التشريعي (البرلمان)، واستمرت تلك الأحداث من العام 1994 وحتى العام 1999. أما المرحلة الثانية فلازالت مستمرة حتى الآن، إثر تداعيات أحداث فبراير 2011، التي قامت أيضاً بمطالب سياسية.
عندما تشهد البحرين أزمة سياسية، يرتفع فيها عدد السجناء، وتمتلئ الزنازين، وتزداد القضايا التي يتم تصنيفها ضمن «الشغب والإرهاب»، وعندما تمتلئ السجون بمثل هذه القضايا فإن الأزمات السياسية تستمر بشكل تلقائي حتى تحدث تحولات سياسية حقيقية يكون أولها ما يعرف بـ «تبييض السجون» والدخول في حوارات حقيقية تخرج البلاد من أزمتها السياسية.
الأمانة العامة للتظلمات المعيّنة نشرت تقريراً لها بشأن زيارة مركز الإصلاح والتأهيل بمنطقة جو في 25 سبتمبر/ أيلول 2013، وتحدثت عن وجود اكتظاظ في سجن جو، إذ أن الطاقة الاستيعابية للسجن 1201 سجين، بينما السجن به 1608 سجناء بزيادة قدرها 407 سجناء.
الواضح أن الطاقة الاستيعابية لسجن جو في البحرين تمت زيادتها خلال عامين بواقع 944 نزيلاً، فقد كانت في سبتمبر لا تتجاوز 1200 نزيل، وزادت الآن لتصل إلى 2145 نزيلاً، ومع تلك الزيادة لازال السجن «مكتظاً» والسجناء فاقوا الطاقة الاستيعابية للسجن بـ323 نزيلاَ، وكل ذلك بفضل تزايد أعداد المتهمين في قضايا «الشغب والإرهاب».
ما أورد من أرقام لا يمكن أن يعد «إنجازاً» ولا مفخرةً لأحد، ولا يعكس أبداً طبيعة الشعب البحريني المسالم، إنما يعكس حالة من حالات الاحتقان السياسي والأمني، فهذه الأرقام لا ترصد إلا في الأوضاع الاستثنائية للشعوب، فلا يوجد شعبٌ ميّالٌ لـ «الشغب والإرهاب» حتى تحوّل أكثر من نصف السجناء فيه إلى متهمين بـ «الشغب والإرهاب»!
هذه الأرقام جعلت من البحرين تتبوأ المركز الأول عربياً في نسبة عدد السجناء، وذلك وفق ما نقله موقع الـCNN بالعربية عن تقرير نشره المركز الدولي لأبحاث السياسات الجنائية، والذي أشار إلى أن البحرين تبوّأت المركز الأول عربياً في نسبة عدد السجناء، إذ وصل رقمهم في مؤسساتها السجنية نحو 4 آلاف سجين، بمعدل 301 من كل مئة ألف من السكان، متبوعةً بالإمارات العربية المتحدة التي بلغ عدد سجنائها نحو 11 ألفاً ومئة سجين، بنسبة 229 من كل مئة ألف قاطن بالإمارات، بينما كانت الزعامة العالمية من نصيب الولايات المتحدة الأمريكية.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/05/30