قال زمن الطيبين قال!!
محمد السحيمي ..
تقول العرب: «كل فتاةٍ بأبيها معجبة»! ولهذا ضرب سعوديٌ طفلته ذات الـ(8) سنوات حتى الموت؛ بقصد تأديبها، وأَطْرِها بـ(كيبل) المكيف، والخيزرانة، على حبه والموت في دباديبه أَطْرًا!
وقد حكم القاضي بسجنه (8) سنوات، مقابل عمر الطفلة المغدورة، والجلد (700) جلدة!! ولكن محاميها ألمح إلى أنه سيستأنف ليجعلها ـ ربما وربما فقط ـ (800) جلدة وبـ(كيبل) المكيف نفسه؛ فالمعروف أن الجلد الشرعي لا يكاد يؤثر في جسد مثل هذا الأب (البيولوجي فقط)، أما نفسياً فهو ـ كالسواد الأعظم من الشعب (المتنيئم) ـ يعتنق الرأي الفقهي القائل: بأن الأب لا يقاد (أي لا يقتل) بولده! فما بالك إذا كانت أنثى: تولد (عورةً) وتكبر (عارًا)؟؟!
أما المقولة العربية (العبيطة) فقد انتقلت من المستوى الفردي بين كل فتاةٍ وأبيها، إلى المستوى الجمعي بين جيل كل فتاة وجيل أبيها؛ فشاع بين أبنائنا اليوم وصفنا بـ(زمن الطيبين)!! إذ ينظرون إلينا بكل حب واحترام وإجلال، وكأنه لا يد لنا في المتاعب التي يكابدونها حيثما ولَّوا وجوههم!! أو كأنهم يعرفون حجم جنايتنا عليهم، كما أدركها الزميل (أبوالعلاء المعرِّي) بقوله: هذا جناه أبي عليَّ.. وما جنيتُ على أحد! ولكنهم مع ذلك (زيَّ البِسْ يحب خنَّاقه) ـ كما يقول الحَجَنْجَز ـ ويفهمون الحب بتعريف سيدنا (نزار قباني):
هو هذه الكفُّ التي تغتالنا * ونقبِّل الكفَّ التي تغتالُ!!
من المسؤول عن تجهيل أبنائنا في (كآئيبنا) البائسة على مدى (40) عامًا؟ حتى إذا هبطوا سوق العمل كانوا كالأيتام في مهايط اللئام؟ فلا إنجليزية تغنيهم عن لغة (الإشارة) للتفاهم مع رؤسائهم؛ ولا تخصصات علمية وتقنية، يشغِّلون بها هذا الكمبيوتر، أو يصلحون تلك (البلية)!!
ومن الذي أفسد على أبنائنا ثقافة العمل، ومسخها في بطالة سافرة على مكاتب غير منتجة، توهب (بالتوريث) ولمن لديه واسطة؟ وقد كانت قبل (زمن الطيبين) المزعوم تعتمد على الكسب الميداني في سوق حرةٍ مفتوحة؟
ومن المسؤول عن هذا الفساد الإداري، الذي جعل من البيروقراطية المترهلة منذ (زمن الطيبين) مرتعاً خصبًا للنصابين، والجشعين، والمتاجرين بهموم هذا الجيل والأجيال القادمة؟!
إن كان هناك زمن للطيبين؛ بمعنى المستغفلين والمضحوك عليهم فهو: زمن أبنائنا اليوم لا زمننا أمس!!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/06/03