خطايا المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
هاني الفردان ..
فقدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان حلمها في نيل الاعتمادية الدولية بتصنيف عال بدرجة (أ)، وذلك بعد أن صنفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان المؤسسة البحرينية بدرجة (ب) لتعتبر غير ممتثلة بشكل كامل لمبادئ باريس.
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أنشئت بموجب أمر ملكي رقم 46 لسنة 2009 وتعديل رقم (28) لسنة 2012، حيث تتمحور مهامها المعلنة من قبل المؤسسة في «تعزيز وتنمية حقوق الإنسان والعمل على ترسيخ قيمها ونشر الوعي بها، والتوافق مع مبادئ باريس المنظمة لعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان».
إخفاق المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في الاختبار والاعتمادية الدولية، يكمن في عدم انسجامها مع ما يعرف بـ«مبادئ باريس»، والتي تشترط بشكل رئيسي مبدأ «الاستقلالية» في عمل المؤسسات الحقوقية.
إثبات الاستقلالية هو الشغل الشاغل الذي شغل حيزا كبيرا جداً من عمل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين، فكانت تلك معركتها لإثبات ذلك، حتى أنها أجبرت أحد أعضائها في مايو/ أيار 2014 على الاستقالة من منصبه في المؤسسة؛ وذلك لكونه موظفا بإحدى الجهات الحكومية.
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تطمح في الحصول على اعتماد من قبل الأمم المتحدة، وذلك يتطلب أن يكون كافة أعضاء المؤسسة مستقلين لا يرتبطون بأي جهة حكومية، فما بالك إذا كانوا كلهم «معينين»!
في محاولة رسمية لنيل الاعتمادية الدولية للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، صدر الأمر الملكي رقم 28/2012 بتعديل الأمر الملكي رقم 46/2009 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، إلا أن ذلك اصطدم أيضاً بـ«مبادئ باريس» وشرط الاستقلالية.
إبقاء المؤسسة الوطنية تحت مظلة «التعيين» لأعضائها يمثل مخالفة رئيسية لمبادئ باريس، يجعل من دور هذه المؤسسة معدوم القيمة بالنسبة للمجتمع الدولي، وينزع الثقة من أي تقارير صادرة عنها، إذ تؤكد اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد في لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، بأن تشكيل المؤسسات الرسمية الوطنية المعنية بحقوق الإنسان بموجب مراسيم أو أوامر، لا يتوافق مع مبادئ باريس، لتسببه في فقدانها الاستقرار اللازم؛ لتأثرها بعدم رضا السلطة عن نشاطها، وهو ما يجعلها عاجزة عن تلبية معيار الاستقلال الذي تؤكد عليه مبادئ باريس، والذي يشتمل على وجوب أن «تكون ولاية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان محددة بشكل واضح في أحد النصوص الدستورية أو التشريعية».
والتنظيم القانوني السابق (2009) للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لا يفي بذلك الشرط، والتعديل في 2012 أيضاً لم يضف أي جديد بشأن استقلالية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفق المنظور الدولي ومبادئ باريس.
ليس خافياً على أحد أن المؤسسة الوطنية عين فيها أشخاص غير معروف عنهم اهتماماتهم الحقوقية، أو أطراف عرف عنهم عدم الاستقلالية والميل لوجهة النظر الرسمية.
من أكبر الإخفاقات التي شهدتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، هي حالات الصمت التي كانت تدخلها في مرحلة مهمة جداً في تاريخ حقوق الإنسان في البحرين، فليس خافياً على أحد موقف المؤسسة مما حدث في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان 2011، حيث عجزت المؤسسة عن أداء الدور الحقيقي المطلوب من مثل هذه المؤسسات وفقاً لمبادئ باريس، فهي كانت غائبة عن رصد الانتهاكات، وعن إدانتها، بل كان بعض أعضائها يؤيدون ما حدث، حتى جاءت لجنة تقصي الحقائق وتقرير بسيوني ليكشف بعضاً مما حدث.
من بين الإخفاقات أيضاً، مستوى التقرير السنوي الثاني لعام 2014 الصادر عن المؤسسة، والذي يختلف عن مستوى التقرير الأول لعام 2013، فكان واضحاً أن التقرير الأول صدر بمحتوى قوي، فيما تأخر إصدار التقرير السنوي وكان «ركيكاً» وضعيفاً، وكان واضحاً أيضاً أن قوة التقرير الأول كانت من أجل مخاطبة المجتمع الدولي، وإثبات الاستقلالية من خلال انتقاد الوضع الحقوقي في البحرين بشكل لافت وقوي جداً، إلا أن تلك المحاولة لم تستطع الثبات كثيراً فتراجع الأداء بـ«ضغوط» في التقرير الثاني.
من بين إخفاقات المؤسسة أيضاً، صمتها بشأن ما شهده سجن جو في 10 مارس/ آذار 2015 من أحداث وصفتها الأجهزة الأمنية بـ «التمرد» الداخلي في السجن، ودعا فيها المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد الحسين حكومة البحرين إلى التحقيق الفوري بادعاءات التعذيب بشأن أحداث سجن جو، في كلمته في افتتاح الدورة الـ 29 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، الأحد (15 يونيو 2015)، فإن المؤسسة الوطنية أصدرت تقريراً عن تلك الحادثة ولكنه كان «سرياً»!
آخر خطايا المؤسسة، كان تصريح رئيسها عبدالعزيز أبل في صحيفة محلية (21 مايو/ أيار 2016) والذي أكد أن «نشر صور المتهمين قانوني بعد استئذان النيابة»، رغم مخالفة ذلك الدستور البحريني والقوانين والأعراف الدولية!
لتلك الأسباب وغيرها، فشلت المؤسسة في نيل الاعتمادية الدولية، وصنفت ضمن الخانة (ب) لتصبح عضواً غير مصوت، باعتبار أنها غير ممتثلة بشكل كامل لمبادئ باريس.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/06/06