من طاش 1 إلى سيلفي 30 أمة من خشب
علي سعد الموسى ..
لا يمكن حتى للطارف الهامشي من سدنة النقد الثقافي وتحليل خطابنا الاجتماعي أن ينكر أن "دراما" رمضان الكثيفة تمثل صورة ناصعة لإنسان المجتمع السعودي. ومن المؤسف بمكان أننا لا زلنا بعد ربع قرن من الزمن نلوك ذات القضايا وندور في ذات نهر الوحل، فلم نقطع إلى الأمام خطوة واحدة. أول حلقة تاريخية من طمام المرحوم "طاش ما طاش" تصلح للإعادة هذا المساء وأيضاً "سيلفي 2"، وعلى مسؤوليتي سيكون قارئاً جيداً لذات أمراضنا الاجتماعية عندما نصل، إن طال بنا العمر إلى "سيلفي 30" بعد ثمان وعشرين سنة. كلها قصص وأفكار تتوالد من بعضها البعض وإن تغيرت بنا الأسماء من "الجهيمانية" إلى القاعدة، ومن القاعدة إلى نبتة الدواعش. هو ذات السحاب والمطر الذي يغير مسميات النبات والأشجار، وبالشبه المماثل هي ذات الأفكار القاتلة التي أنبتت جهيمان، وبعد سبع سنوات عجاف جاء أسامة بن لادن، وبعده أبومصعب الزرقاوي وانتهاء بالخليفة الشيخ أبوبكر البغدادي.
وحين تجد أمة تركض وتسبح في ذات الوحل لأربعين عاماً متصلة فلك أن تعلم أنك أمام أمة من الجاهلية الميتة المتخشبة. الشيخ الكبير الذي يفتي مطلع الشهر بأن من ينكر فضيلة سبي النساء ليس إلا كافرا ملحداً هو تربية وطالب فضيلة الشيخ المرحوم الذي قال بذات الفتوى قبل أربعين سنة. الشيخ الذي كان يشحن همم شبابنا إلى قندهار وقندز وممرات خيبر الأفغانية في مطلع هذا القرن هو أستاذ ذات الشيخ الذي يوصي مطلع هذا العام بالانضمام إلى جبهة النصرة ولواء التوحيد في سورية، وبالطبع ومن أجل التقية السياسية يحذر من داعش رغم أنها ألوية سوداء، وكلها جداول تصب في ذات النهر الكبير: تماماً مثلما كانت الفتوى قبل ثلاثين سنة في التحذير من شاه مسعود وبرهان الدين رباني. والكارثة أن أبناء هؤلاء المشايخ الفضلاء الكرام ينعمون ببعثات الجامعات الغربية المرموقة، ويقابلون أسرهم في عطلات الصيف في منتجعات "زيلا مسي" النمساوية وجبال طرابزون التركية الساحرة. ثلاثون عاما من النقد الثقافي ومن تحليل الخطاب فلا زلنا ندور في فلك الحلقات الأولى من "طاش" بنفس القصص والقضايا وبذات الأفكار وإن تغيرت الشخوص والأسماء.
الخلاصة التي تختصر كل ما سبق: أية أمة هي تلك التي لا زالت تضحك على ذات قضاياها منذ "طاش 1" وحتى على ما يبدو في "سيلفي 30"؟ انتهت المساحة.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/06/12