الشورى ونظام مكافحة الكراهية
علي الشريمي ..
عزيزي عضو الشورى إن كنت ترى "العنصرية" خطرا يأكل الأخضر واليابس فليس عليك إلا الموافقة على مقترح قانون مكافحة التمييز
لم يعد الانتظار ممكنا أو الصبر محتملا، إنه من بلادة الشعور وإغماء الضمير أن نطالب إنسانا وقد أسيء إليه ببعض العبارات العنصرية أن يصمت، بحجة أن مجلس الشورى رفض سابقا مشروع حماية الوحدة الوطنية، وأن الأنظمة موجودة وإن كانت دون عقوبات واضحة ومحددة!
أقولها هنا للتاريخ، فوالله لو صلحت الدنيا كلها، ولو انتهت الفرعيات، لو اتسعت الطرقات وغاب الزحام، وقلصت البطالة، لو افتتحت كل المشاريع الجديدة الموعودة وجددت المطارات، وتحولنا إلى مركز اقتصادي عالمي، وانتهت كل المشروعات الرائدة وما زالت العنصرية تسرح وتمرح هكذا بدون قانون يضبطها ويؤدبها، فقد سقط المشروع الأكبر ألا وهو مشروع الإنسان. فجوهر حقوق الإنسان عند كل الأمم المتقدمة يتمثل في تجريم التمييز بجميع أشكاله ضد الأفراد والجماعات، ومنع الانتقاص من الأفراد والجماعات بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الطائفة.
نعم، نعاني ما نعانيه، ولكن تبقى مشكلة "التمييز العنصري" هي السكين الحادة، تقطع أوصال مجتمعنا كل يوم ببطء موجع. تنخر بيننا سوسة قارصة وحارقة، تلبد على الشرايين والأوردة، فتمتص دماء الكرامة والسعادة والمستقبل وأبسط الحقوق الإنسانية. وأمام كل ذلك لم نفقد الأمل بوجود أعضاء من مجلس الشورى أمثال الدكتورة لطيفة الشعلان، الدكتور عبدالله الفيفي، الدكتورة هيا المنيع، الذين أنهوا صياغة تشريع جديد تحت اسم "نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية"، وذلك في إطار سعيهم إلى تحجيم هذا الخطاب، وإعانة الحكومة في تجريم متبنيه، إذ يجرم النظام المقترح من يستغل المساجد ودور العبادة في بث الكراهية بالسجن 10 سنوات، بينما ينص على إحالة التكفيريين الذين تفضي آراؤهم إلى جرائم قتل إلى القضاء الشرعي. وغلظ التشريع المقترح - الذي حظي بتأييد 10 أعضاء آخرين من مجلس الشورى يمثلون الطيف المجتمعي السعودي - عقوبة من يرتكب أي فعل ينطوي على تمييز أو كراهية، مستغلا في ذلك دور العبادة أو موقعه الوظيفي، أو صفته الدينية.
لطالما صرخت وآخرون غيري بضرورة تعبيد طريق القانون، فليس من المعقول أن نبقى متفرجين على العنصرية، هذا يشتم ذاك، وذاك يلعن في وجه هذا، وهذا يصرخ وذاك يبرر، أين القانون من كل ما يحدث؟ طريق جديد يا مجلسنا، احزموا أمركم، وابدؤوا من جديد، فأمامنا رؤية مستقبلية وبرامج تحول لن تنهض إلا بسيادة القانون وجعله السيد المهيمن على الجميع دون تمييز، نصوص قانونية واضحة ومحددة.
وأنا وغيري ننتظر من كل عضو في كل دائرة في مجلس الشورى إدراج قضية "التمييز العنصري" على رأس أولوياته، إدراجا مرفقا بحلول واضحة وحقيقية وقابلة للتنفيذ، نريد أن نستمع إلى طرح جريء وواضح مرة واحدة من ممثلينا، فإن كنت ترى "العنصرية" خطرا يأكل الأخضر واليابس فليس عليك إلا الموافقة على المقترح، وإن كنت تراها دون ذلك فأفصح لنكتشف معدنك عافاك الله. نحن أمام تحولات مستقبلية، لا مهادنة ولا انتظار، سننتظر من كل عضو وعضوة رأيا وحلا "بالبنط العريض". لديكم الاقتراح بقانون نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية مقدم من 3 أعضاء في مجلس الشورى وقد أيده 10 آخرون من ذات المجلس، فانظروا فيه ومعه تزامنا، ابدؤوا بعملية التقنين، بشكل عادل وفاعل وسريع، دون مماطلة أو محاججة، ابدؤوا قبل أن تفوتوا نقطة اللاعودة ويموت الحق والخير فينا جميعاً.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/06/16