انتخابات أم انتهابات
صالح الشيحي ..
في أول تجربة انتخابية في بلادنا -المجالس البلدية- فوجئ الذين ينادون بالانتخابات أنهم هم أول ضحاياها!
انشطرت المقاعد بين فريقين.. لم يكن لهما ثالث مطلقا.. الفريق الأول هم القبائل.. والفريق الثاني ما يسمى بقوائم طلبة العلم..
أتذكر أنني تساءلت عام 2010 عن العلاقة بين مرشح للانتخابات البلدية -يحمل دكتوراه في الشريعة أو أصول الفقه، أو "عمه شيخ القبيلة"- بشؤون البلديات، ورخص البناء، وتصاميم المخططات السكنية!
كنت، كغيري من الذين يتدثرون بالتفاؤل، أسعى جاهدا للتقليل من السلبيات.. كنت أقنع الناس بأن المهم هو نجاح التجربة!
اكتشفت أنني بالغت في التفاؤل.. اليوم انكشف الستار عن صورة غير لائقة بمؤسسات الثقافة.. المؤسسات المعنية بنشر الوعي.. الأندية الأدبية..!
فاكتشفنا أن الذي يرغب في الفوز عليه أن يضع سيرته الشخصية جانبا.. عليه أن يضع مؤلفاته وأبحاثه في كرتون ويركنها في المستودع.. عليه أن يعلّق شهاداته ودروعه وأوسمته في المجلس والصالة.. عليه أن يضع الثقافة جانبا، ويبدأ بفرز أبناء قبيلته!
انتخابات مجالس الأندية الأدبية تقول لك بوضوح: لم يعد كافيا أن تكون مثقفا كي تدخل الانتخابات، بل لا بد أن يكون خلفك أيضا قبيلة تدعمك وتوصلك للكرسي..!
الصورة بات يحكمها المثل البدوي الشهير "عد رجالك وارد الماء"، حينما كان ورود القبائل على الماء الشحيح، يحتاج للتحدي والقتال والرجال الأشداء في بعض الأحيان! الذي أود التأكيد عليه هو: إن كان الشخص القادم للانتخابات عبر (بوابة القبيلة) مثقفا يستحق التصويت، فمرحبا به.. لكن المأزق الحقيقي ألا يمتلك في سيرته الذاتية سوى أصوات قبيلته.. هنا تتحول الحكاية من عملية انتخابية إلى "عملية انتهابية"!
رب مثقف يشكل رقما مهمًّا في المشهد الثقافي -وما أكثرهم حولنا- يستحق عضوية النادي الأدبي لكنه لا يملك قبيلة كبيرة تدعمه!
أختم بشيء فيه طرفة سوداء، إذ بدأت بعض أصوات المثقفين تطالب بإلغاء الانتخابات في الأندية الأدبية.. والعودة لنظام التعيين..
إنه زمن العجائب حقًّا!
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/06/21