هل مجلس الشورى صوت المواطن؟
محمد العوفي ..
الدوافع وراء نشأة البرلمانات متعددة، أبرزها هو تمثيل الشعب، أو النيابة عن الشعب، بما يكفل تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وعليه يفترض أن يكون مجلس الشورى هو ممثل الشعب، والمدافع عن حقوق المواطن أمام الأجهزة الحكومية في السعودية، ونقطة الاتصال بين المواطنين والأجهزة الحكومية، كونه يشارك في صنع السياسات العامة ويدرس خطط التنمية، وله دور تشريعي وفقا لنظامه في اقتراح أنظمة جديدة أو طلب تعديل أنظمة قائمة، وله أيضا دور رقابي في دراسة تقارير أداء الأجهزة التنفيذية، وإبداء ملاحظاته حولها.
وكلنا ندرك الآمال الكبيرة التي تعولها الحكومة على مجلس الشورى، وليس أبلغ من وصف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - للمجلس بأنه «الرأي السديد»، وتعديل المادة (17) من نظام المجلس لتصبح «إذا وافق مجلس الوزراء على قرار مجلس الشورى تصدر القرارات بعد موافقة الملك، أما إذا لم يتفق المجلسان على أي قرار فيعود الموضوع لمجلس الشورى».
لكن المجلس مع كامل الاحترام والتقدير له ولأعضائه يؤكد مرة تلو الأخرى أن لديه خللا واضحا في ترتيب الأولويات؛ فهو يركز على القضايا الثانوية على حساب القضايا الرئيسية، ولا يزال يسير على نهجه السابق والتقليدي في دراسة مراجعة المواضيع دون أخذ في الاعتبار أهميتها ومساسها بالشعب الذي يفترض أن يعبر عن صوته، فبعض المبادرات لا تنسجم مع الدور الذي يفترض أن يقوم به المجلس، ولا يزال بعيدا عن طموحات وتطلعات الحكومة والشعب على حد سواء.
وبمراجعة بسيطة لأدائه خلال السنوات الأخيرة، نجد أن معظم التوصيات التي رفضها المجلس كانت في صالح المواطن البسيط كقرار رفع الحد الأدنى للراتب التقاعدي إلى ثلاثة آلاف ريال، والسماح للموظف الحكومي بالاشتغال بالتجارة، وغيرها من التوصيات التي تصب في صالح المواطن البسيط، في الوقت الذي تؤكد الحكومة في كل مناسبة أن المواطن هو محور اهتمامها، وأنها تعمل في خدمته، وفي المقابل قدم بعض أعضائه اقتراحات وتوصيات ستزيد من الضغوط المالية على هذا المواطن كمقترح رفع أسعار الخبز، ورسوم النفايات، ومهما حاولت أن تجد مبررا لمثل هذه الاقتراحات لن تجد.
هل هذا ما يريده المواطن من مجلس الشورى الذي يعتبره صوته ومدافعا عن حقوقه أمام الجهات التنفيذية؟ بالطبع لا، لذلك لا نستغرب ارتفاع حدة لوم وانتقاد المواطنين لمجلس الشورى؛ فالمواطن البسيط كان يرى في المجلس صوته، وفقد الثقة في ذلك، والاقتراحات والتوصيات التي قدمها بعض أعضاء المجلس تزيد الهوة بين المواطن والمجلس، ولا يمكن أن تكون إلا دليلا على أن هناك حلقة مفقودة في هذه العلاقة، وحاجة لإعادة هيكلة عمل المجلس، وإعادته إلى مساره الصحيح كممثل لصوت الشعب كما أريد له عند إنشائه.
ولعل ما ذكره رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ في محاضرته التي ألقاها مؤخرا في جامعة الملك عبدالعزيز حول نية المجلس استطلاع آراء شريحة من المواطنين ومعرفة آرائهم تجاه المسائل الحسّاسة قبل أن يقرّر الأعضاء مواقفهم بشأنها، تعيد جزءا من الثقة وتغير الصورة الذهنية السلبية عن المجلس.
وهي بالتأكيد إن حدثت فعلا تعد نقلة نوعية في آلية عمل المجلس، لكنها لن تكون وحدها كافية، فمستوى الرضا العام من قبل الجمهور عن أداء مجلس الشورى لا يزال في أدنى مستوياته، ويحتاج المجلس إلى هيكلة شاملة لا تختزل في إعادة تشكيل اللجان ومسمياتها وأعضائها، فتغيير مسميات اللجان أو إعادة تشكيلها لن يجديا نفعا إن لم يصاحبهما حضور فعلي في قضايا الشارع السعودي تحليلا ودراسة، بعيدا عن التفكير التقليدي، وسرعة في إنجاز الدراسات والتقارير ذات العلاقة بالقضايا الرئيسة.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/06/24