هاني الفردان ..

تصاعدت في الفترة الأخيرة، عودة الحسابات «الوهمية» عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي نشطت من جديد في السعي لنشر صور معتصمين أو محتجين أو متظاهرين، ووصفهم بـ «الخونة»، وتحريض المؤسسات الرسمية على اعتقالهم، والتحقيق معهم، بل وفصلهم عن أعمالهم.

هذه الحسابات الجديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عادت لتلعب الدور ذاته الذي لعبته شبكات قبل سنوات، والتي انتقدها الجميع، وسلط تقرير لجنة تقصي الحقائق للسيد بسيوني الضوء عليها.

تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي قيل إن جميع توصياته نفذت، وإنه كان بمثابة «الدواء المر» الذي لابد من تجرعه لعلاج تداعيات أزمة، ذَكَرَ قصصاً بدأنا نستشعر عودتها من جديد.

في الفقرة رقم (635) من التقرير أكدت اللجنة أنه تبيَّن لها أنه «كان هناك اتجاه في وسائل الإعلام البحرينية يقوم على تلويث سمعة المحتجين، سواء أثناء أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار ٢٠١١ وبعدها. ويستند هذا الاستنتاج إلى مراجعة جزء من المواد التي أذاعتها وسائل الإعلام، ولاسيما البرامج الإخبارية والصحف. فعلى سبيل المثال، نشر البرنامج التلفزيوني البحريني المسمى الراصد صوراً وأسماء للمتظاهرين، وتحدث عنهم بطريقة مهينة. وعلاوة على ذلك، استخدمت قناة العربية الدولية لغة تنطوي على إهانة منتقدي الحكومة والتشهير بهم أثناء الإشارة إليهم».

حدَّد تقرير لجنة تقصي الحقائق بشكل واضح مجموعة «Harghum» في الفقرة (1637) والتي قال إنها «هاجمت محتجين مناوئين للحكومة ونشرت أماكن وجودهم وبياناتهم الشخصية. كما تورطت هذه المجموعة في مضايقة بعض الأفراد وتهديدهم وسبِّهم وقذفهم، بل وصل في بعض الحالات إلى تهديدهم بأعمال توشك أن تقع بهم»، ورأت لجنة تقصي الحقائق أن تلك المضايقات تعتبر انتهاكاً لحق الإنسان في الحفاظ على خصوصيته، في حين ترتقي إلى مستوى الخطاب المفعم بالكراهية والتحريض على العنف.

وفي الفقرة (1597) من التقرير ذاته عاد لذكر ذات المجموعة «Harghum»، حيث نشرت أسماء وصور لمن قيل إنهم متظاهرون، بل ونشرت في بعض الأحيان عناوين المحتجين، وأرقام هواتفهم وأماكن وجودهم الحالية. وفي إحدى المرات، نشرت صورة لأحد المحتجين مع تعليق يسأل عن اسمه، فرد مستخدم آخر ناشراً المعلومة المطلوبة. وذكر شهود للجنة أن الأشخاص الذين ذكرت مجموعة أسماءهم أو حدَّدت هويتهم كانوا يتجنبون النوم في منازلهم خوفاً من وقوع هجمات عليهم.

هذه اللغة عادت من جديد هذه الأيام، ونشطت حسابات تنشط وراءها أسماء وهمية، تعمل على طلب تزويدها بصور الأشخاص المتجمهرين، قائلاً «راح نفضح هؤلاء الخونة في كل مكان، إن كانوا تجاراً أو موظفين! حسابهم عسير».

الحالات التي رصدها تقرير السيد بسيوني من نشر صور المحتجين، أدت لتوقيف الكثيرين وفصلهم من أعمالهم، حتى قال الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين - بحسب تقرير لجنة تقصي الحقائق - إن فصل المسئولين النقابيين بدأ بعد أن نشرت وسائل الإعلام صوراً فوتوغرافية لهم تظهر مشاركتهم في المظاهرات واتهمتهم بأنهم مشتركون في مؤامرة أجنبية للإضرار باقتصاد البلاد.

تلك الشبكات ليست سراً، فقد شغلت من قبل شبكة «منرفزهم» الشارع العام حتى بلغت بصاحبها السجن حالياً في ظل رفع الكثير من القضايا عليه، وذلك بعد أن شغلت، حالة من الجدل في الشارع العام، كون هذه الشبكة أو هذا الحساب يمثل شخصاً، أو مجموعة أشخاص، وذلك للدور الذي قام به في التحريض والاستهداف الكبير لفئات من الشعب البحريني، بلغ حد «الإساءة».

بقيت هذه الشبكة مستمرةً في عملها دون توقف ودون رادع، ودون حسيب أو رقيب، مع بعض الحيثيات التي كانت تشوبها مع محاولات تصدٍّ لها، سريعاً ما كانت تبوء بالفشل لأسباب يعرفها الجميع.

في إطار سياسة الفوضى الإعلامية، والصدام المباشر بين شبكة «منرفزهم» وبعض الجهات، وهي أشبه بـ «القشة التي قصمت ظهر البعير» وأدت لحدوث انقسام وشرخ في «التوافق» غير المعلن بين الطرفين، خروج الأول عن صمته فهدَّد علناً في 16 مارس 2014 بالكشف عن الكثير من «الخبايا الأمنية» التي يدّعي وجودها. فقد اتهم «منرفزهم» جهات معينة بالعمل على «تهكير» حسابه على «تويتر»، متوعداً بـ «حرب مكشوفة»، بالكشف عمَّا أسماه «الحسابات التابعة لتلك الأجهزة على التويتر ومواقع التواصل الاجتماعي، وجميع الأسماء الذين شاركوا في الحملات المضادة في 2011 من قبل الأجهزة الأمنية».

المجموعة «Harghum» وشبكة «منرفزهم» وغيرهما شبكات تمتلك كمّاً كبيراً من المعلومات السرية وغيرها، حتى اتهم «منرفزهم» من قبل النيابة العامة بـ «نشر معلومات تقارير أمنية على جانب من السرية».

تلك الشبكات والحسابات ذات الأسماء «الوهمية»، ليست شخصاً، كما يعتقد البعض، بل هي شبكة ضمن مجموعة شبكات خلقت بعد فبراير 2011، ولتأكيد ذلك فإن بيان النيابة العامة في (27 مايو/ أيار 2014) تحدّث عن «منرفزهم» ومعاون له، وأجهزة، وعدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أشهرها «منرفزهم» وإذاعة وغيرها.

تلك الحسابات «الوهمية» بدأت في العودة للقيام بذات الأدوار السابقة، فهل هناك من يستطيع التصدي لها ووقفها.

صحيفة الوسط البحرينية