عصر الانهيارات المخيف
هاشم عبده هاشم ..
•• أشك.. في أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوف يقتصر عليها.. أو على مجموعة دول الاتحاد نفسها فقط.. وإنما سوف يتخطاها إلى كل دول العالم واتحاداته ومنظماته..
•• وحتى الولايات المتحدة الأميركية التي هتف دونالد ترامب بقوله "رائع" فور سماعه النبأ.. سوف يطالها التفكك ذات يوم لأن "زلزال" الانفصال.. بدعوى الاستقلال.. ونزعة التفكك بدواع عرقية.. أو مذهبية.. أو عصبية.. أو طائفية.. أو انعزالية أخذ يسري في العروق في ضوء تطرف اليمين في كل مكان من هذا العالم.. بعد ان كشف هو عن قناعه الأسود.
•• ولا شك أن هذا التوجه الكاسح.. مؤسف.. ومؤلم.. ومزعج.. لأنه سوف يقود المجتمع الدولي إلى كوارث أمنية.. واقتصادية.. ومجتمعية.. وثقافية.. بعيدة المدى..
•• ومنذ البدء.. فإن كلاً من اسكتلندا.. وايرلندا.. وويلز سوف تتحرك بقوة في هذا الاتجاه..
•• كما أن انسلاخ دول الاتحاد الأوروبي عنه.. دولة بعد الأخرى سوف يتواصل تباعاً.. في الوقت الذي ستغذي فيه بعض القوى والأطراف المتنفذة.. أو الطامعة.. هذه النزعة الانفصالية داخل الكثير من الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء تمزيقاً لأواصرها.. وإضعافاً لقدراتها الفائقة.. وضرباً لوحدتها الوطنية..
•• وهذا يعني أن الحالة البريطانية الراهنة سوف تصبح في المديين القصير والمتوسط وليس البعيد أمراً واقعاً.. تتوجه له.. وتركز عليه مشروعات.. وخطط.. وأجندات دول ومنظمات عديدة في هذا العالم.. وفي منطقتنا على وجه الخصوص..
•• وإذا نحن – كدول وشعوب – لم نتحرك على الفور للعمل على مواجهة هذا التيار.. فأن منطقتنا العربية الرخوة ستكون في مقدمة من يطالها التيار.. لا سيما وأن بذور الانقسام.. والتشرذم.. والتمزق موجودة.. وأن هناك من له مصلحة حقيقية في ضرب دولنا وشعوبنا في العمق.. واستغلال بعض أوجه الاختلال.. أو الاختلاف.. أو الترهل.. أو الصدام.. لتفجير مجتمعاتنا من داخلها.. والعصف بها.. وإلحاقها بمصاف الدول والمجتمعات المأزومة..
•• لذلك أقول.. وأنبه.. وأحذر..
•• من أن انهيار الاتحاد الأوروبي الوشيك بخروج بريطانيا اليوم.. سوف ينسحب أول ما ينسحب على الجامعة العربية بعد أن دخلت غرفة الإنعاش.. وأرجو إلا يتخطاها إلى مجلس التعاون الخليجي بعد أن دخلها من قبل مجلس التعاون العربي الذي ولد – في الأصل – ميتاً..
•• وإذا لم نتحرك بسرعة للحفاظ على الحد الأدنى من الوفاق العملي والجاد والفعلي فإن كل شيء سيصبح وارداً.. وهذا ليس من باب التشاؤم وإنما من واقع التجارب.. والوقائع.. والأحداث التاريخية..
•• وليت الأمر – بعد ذلك – يتوقف عند هذا الحد..لأن التيار عنيف وجارف.. وعلينا إلا نتجاهل هذه الحقيقة بعد أن ترجمتها الحالة البريطانية إلى واقع لن تستطيع أي قوة في العالم أن تمنع تمدده.. واستمراره إذا لم تبرز إرادة حقيقية مضادة للحفاظ على وحدة الدول والمنظمات وضمان تماسكها.. أو على الأقل الحد من آثارها المدمرة حد الفناء.
◘ ضمير مستتر:
•• عصر التحلل والتفكك قد بدأ.. وسوف لن ينجو من تياره الجارف من يتحركون متأخرين.. أو يبدون غير مبالين..
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/06/28