مستقبل العلاقات الأمريكية - السعودية
عبدالله الشمري ..
«مستقبل التحالفات التقليدية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط: تركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية»، كان هذا عنوان ورشة سياسية عقدها مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالعاصمة التركية أنقرة الأسبوع الماضي وتحدث فيها د. إسامة عمور خبير الشؤون الإسرائيلية ود. كليج بورغرا مدير مكتب المركز في واشنطن وكاتب المقال، وكانت الورشة بإدارة د. افق اولوتاش رئيس قسم دراسات السياسة الخارجية بالمركز، وقد حاولت الورشة الإجابة عن السؤال الأساسي وهو «ما مستقبل حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط؟ وما البدائل المتوافرة أمامهم لمواجهة التغيير في الإستراتيجية الأمريكية الجديدة والتي تقوم على استبدال التحالفات التقليدية بشراكات؟».
من المستجدات الأهم في الشرق الأوسط أن العلاقات السعودية الأمريكية دخلت في مرحلة جديدة بعد تشكيك الرئيس الأمريكي باراك أوباما صراحةً وعلناً في قيمة الرياض كأحد الحلفاء وبدأت بعض ركائز العلاقة الخاصة والإستراتيجية بين البلدين- والتي تم بناؤها بعد الحرب العالمية الثانية- تهتز، وبما أن الضعف أصاب أساس العلاقة فقد أصبح منتقدوها من الأمريكان أكثر جرأة ولعل الشيء المقلق هو أن إظهار النقد واللوم والتهديد للسعودية أصبح هو الشيء الوحيد الذي يوحد الجمهوريين والديمقراطيين الأمريكيين رغم خلافاتهم الكثيرة، وهذا الأمر يشمل البيت الأبيض حيث يتعمد المسؤلوون الأمريكيون تذكير زوارهم بأن النسبة الأكبر من منفذي اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر كانوا سعوديين. وأصبحت علاقة واشنطن بالرياض لا تجد الكثير من المدافعين المتحمسين في واشنطن كما هو قبل سنوات.
من جهة أخرى وبالرغم من التوتر الظاهر في العلاقات الثنائية إلا أن كلا البلدين ما زالا يواصلان العمل معاً عن قرب. فقد سافر الرئيس أوباما إلى الرياض في شهر ابريل 2016 لحضور قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وكرر التزامه بأمن السعودية ودول الخليج الأخرى، كما تم استقبال ولي ولي العهد السعودي خلال زيارته في شهر يونيو في البيت الأبيض وعلى أعلى المستويات، كما تستمر واشنطن في بيع الأسلحة للرياض.. ولا يزال تبادل المعلومات الأمنية مستمرا بشكل مؤسسي.
الرياض تراهن مستقبلاً على كونها ركيزة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المضطربة حيث تنهار سلطة الدولة في غالب أنحاء الشرق الأوسط ولذا فمهما كانت سياسات الرئيس الأمريكي القادم فإن واشنطن ستحتاج إلى بناء علاقة جيدة مع واحدة من الدول القليلة والتي تمثل مركز الاستقرار في المنطقة ولها القدرة على التأثير في مناطق مجاورة لم يعد فيها وجود لحكم حقيقي. كما انه وبالرغم من اختلاف الرؤية الإستراتيجية للبلدين إلا أنهما لا يزالان مشتركين في عدة أهداف. حتى وان أصبحت واشنطن تهتم بالأهداف الإقليمية الأخرى بدرجة أقل.
ستستمر العلاقات السعودية– الأمريكية في الشراكة مع حجم ثقة منخفض عن الفترات السابقة وسيستمر هذا الوضع مع إدارة الرئيس القادم في ظل محاولات سعودية للوصول لقطاعات مؤثرة في مراكز صنع القرار الأمريكي وخاصة من المؤثرين على الرأي العام الأمريكي بعد أن هزت تقديرات الرئيس أوباما للأوضاع في الشرق الأوسط ثقة الرياض بالإدارة الأمريكية الحالية وأثارت تساؤلات جدية حول الالتزامات التاريخية الأمريكية تجاه الحليف الأهم.
في السياسة تتغلب الواقعية دائما وكما يقول خبير العلاقات الأمريكية- الخليجية د. غريغوري غوس (نادراً ما تتفوق العلاقات المبنية على المصالح المشتركة على تلك المبنية على القيم المشتركة، ولكن في شرق أوسط لا توجد فيه بوادر استقرار سوف يكون من الغباء بالنسبة لواشنطن أن تتغاضى عن مدى استفادتها من علاقة قوية مع الرياض). وللمقال صلة..
صحيفة اليوم
أضيف بتاريخ :2016/06/28