آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

قصة معروضين


علي سعد الموسى ..

في إحدى الإدارات الحكومية تنام، ومنذ شهر ونصف الشهر ورقة "تظلم" شخصية كتبتها في ربع صفحة من أجل موضوع خاص. وفي الإدارة الأخرى تسبح معاملة شخصية كتبتها في "أنموذج" الإدارة الإلكتروني، ومنذ أكثر من شهرين لم يتحرك هذا الأنموذج ليضيف ضغطة زر إضافية جديدة. سأعترف لكم: لم أذهب بنفسي ولم أرفع هاتفاً على أحد كي يحرك ساكناً، ولا تقولوا أبداً كي أدخل من باب الواسطة أو الشفعة. تركت عنواني "جوالي" في ذيل ورقة التظلم فلم يرد علي فرد واحد ليقول لي: أنت على حق أو حتى النقيض، فتعال إلينا لتبله ثم تشرب المياه المخلوطة بالحبر الأزرق. في المعاملة الأخرى، أجزم أن كل مسؤول وكل رئيس قسم من باب الإدارة إلى طابقها "الخمسين" يعرف اسمي ولا تساورني الشكوك في أنهم لن يترددوا في خدمتي. ولا يذهب بكم الشك فأنا أكمل بالمعاملة طلبات قانونية ولم أتجاوز النظام قيد أنملة. سأذهب بعد إجازة العيد وأنا على ثقة أن المعاملة التي قد تقارب يومها عمرها الشهري الثالث ستنتهي خلال ثلاث ساعات، وأما "التظلم" فسأتركه تماما لأنني واثق أن من يظلم أحداً فإنما هو يظلم نفسه.

وأنا اليوم لا أكتب حكاية معروض أو معاملة خاصة، أستطيع بنفوذي ومعارفي أن أقطع معظم أشواطها حتى ولو برسالة جوال. أنا أكتب اليوم مشفقا على الآلاف الذين لا يستطيعون أخذ حقوقهم النظامية المتاحة لأنهم بلا ظهر أو عضد. أكتب وأنا أتخيل حكاية الآلاف من قبل وحتى من بعد من أولئك الذين شعروا بغبن أو حيف أو ظلم، وقد يكون كثير منهم على خطأ ولكن: من هو الذي دعاهم إلى مكتبه ثم شرح لهم أبعاد كل شيء، ثم حاول ولو مجرد أن يقنعهم أن كل ما حصل ليس إلا مسطرة القسطاس وسيف العدل؟ أنا شخصياً تركت هاتين "الورقتين" في قلب الإدارتين إما للتجربة أو تقاعساً ومللاً أو لعله اختبار لكذبة العمل الإلكتروني، حيث معظم الإدارات تتباهى بأننا نستطيع إكمال أوراقنا من شاشة الجهاز ومواقع الإدارات بالمنزل. أعرف شخصاً له أخت معاملتي من الأب والأم فلا زال يذرع أروقة الإدارة منذ شهر ونصف. ضحكت معه البارحة وهو يقول مازحاً: صرت أعرف حتى أخوال رئيس القسم وأبناء عمة مدير الإدارة مثلما أعرف أسماء صغار الموظفين الثلاثية وفوقها اسم القبيلة. وخذ أخيراً وللنكتة: في الطرف الشمالي من بيروت منطقة اسمها "المعاملتين" لأن سكانها كانوا مضطرين لمراجعة إدارتين في ذات الورقة بحكم وجود المكان بين محافظتين. هي بالضبط معاملتي وتظلمي.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/07/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد