السياسة الغربية السوداء: قادة ينفذون ...؟!
صدقة يحي فاضل ..
هناك سياسات سلبية غربية تجاه العرب والمسلمين، بصفة عامة، منذ العصور الوسطى ومرحلة الحملات الصليبية في المشرق العربي. وهذه السياسة الغربية تجددت وتبلورت منذ إبرام اتفاقية سايكس - بيكو الشهيرة في العام 1916. ثم تبلورت أكثر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. وفي كل فترة، يبرز زعماء غربيون، ينبئ تحليل نظرتهم وسلوكهم وفكرهم وأفعالهم ومجمل سياساتهم نحو العرب والمسلمين، عن كونهم من رموز وقادة هذه السياسة الغربية السلبية، أو السياسة الغربية السوداء، إن صح التعبير . ونلقي في ما يلي بعض الضوء على أبرز هؤلاء الساسة.
ففي الفترة المعاصرة، برزت عدة شخصيات وزعامات سياسية غربية ... تعمل جاهدة على تنفيذ هذه السياسات تجاه الأمتين العربية والإسلامية. فتراهم يبذلون قصارى جهودهم، ويراوغون، ويناورون، ولا يتوانون لحظة في العمل على تحقيق الهدف الرئيس لهذه السياسات السوداء، وهو : إضعاف الأمة، وإنزال أكبر أذى ممكن بها ... عبر غمط حقوقها، والتلاعب بمصيرها وقضاياها، وتكريس ضعفها، وترسيخ تخلفها، وزيادة درجة خضوعها للمطامع الاستعمارية.
ومن أبرز هذه الزعامات الغربية التي لعبت دورا سلبياً موجعاً تجاه العرب والمسلمين في الفترة المعاصرة، ننتقي كلا من المسؤولين السابقين التالية أسماؤهم: هنري كيسنجر (وزير خارجية أميركا) جورج بوش الابن (رئيس أمريكا) نيقولاي ساركوزي (رئيس فرنسا) خوسيه ماريا أزنار (رئيس وزراء إسبانيا) مارك روتا (رئيس وزراء هولندا) ستيفان هاربر (رئيس وزراء كندا) توني بلير (رئيس وزراء بريطانيا) كاترين أشتون (المفوضة الأوروبية للسياسة الخارجية) وغيرهم كثير.
والمذكورون يمكن اعتبارهم من أكثر المعادين المعاصرين (صراحة وضمناً) للعرب والمسلمين، والمحاربين بخبث لهم ولمصالحهم الحيوية. وفي هذا الصدد يتسم هؤلاء بخصائص مشتركة كثيرة عندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين (دون غيرهم من الأمم). ومن بعض أهم كتاباتهم وسلوكياتهم الملاحظة في هذا الشأن، يمكن أن نستشف هذه الخصائص في ما يلى:
1- النظر باستخفاف، واحتقار أحيانا، للعرب والمسلمين بصفة عامة.
2- الوقوف ضد قضايا العرب والمسلمين الكبرى. ومن ذلك: دعمهم الخفي وغير المحدود للكيان الصهيوني ... نكاية بالعرب والمسلمين في أغلب الحالات.
3- تحين واستغلال أي فرصة مواتية للإضرار بالبلاد العربية، وشن الحروب والاعتداءات ضد بعضها.
4- العمل الدؤوب لتكريس ضعف وتخلف البلاد العربية بشكل مباشر وغير مباشر .
يحمل كل من هؤلاء الزعماء الغربيين - كما يبدو - حقداً على العرب والمسلمين، وكراهية للدين الإسلامي، ورغبة جامحة في الإضرار بهم ما أمكن. ولكنهم ينكرون وجود هذه المشاعر لديهم. بل ويحاولون الظهور بمظهر «الصديق» المتفهم لقضايا العرب، وآمالهم وآلامهم. ويدعون من حين لآخر الموضوعية، وعدم حمل أي مشاعر سيئة تجاه أي فئة بعينها ... في الوقت الذي يعملون فيه العكس. ومن حقهم، بالطبع، أن يحبوا أو يكرهوا ما شاءوا، ولكن ليس من حقهم أن يضروا ملايين ظلما بسياساتهم.
****
ويعتبر «توني بلير» رئيس وزراء بريطانيا السابق، في الفترة 1997 - 2007م، أحد أبرز الأمثلة المعاصرة الواضحة على هذا النوع من الزعماء الغربيين. وقد أمسى هذا السياسي سيئ السمعة، في بلاده وغيرها، نظراً لانكشاف كذبه وألاعيبه وخدعه. وما زالت هناك ضغوط شعبية بريطانية وعالمية كبيرة تدعو لضرورة محاكمته، وإنزال العقوبات المناسبة به، على ما قام به خلال فترة رئاسته للوزارة، خاصة جريمة غزو واحتلال وتدمير العراق، بالمشاركة مع جورج بوش الابن، رئيس أمريكا السابق وغيره.
ولكن النفوذ الصهيوني الإمبيريالي تدخل بقوة، لإنقاذه، والاكتفاء بترك رئاسة الوزراء ... ثم تنصيبه، في نفس يوم تركه رئاسة الوزراء (يوم 27 / 6 / 2007م) رئيساً لما سمي بـ «لجنة السلام الرباعية» التي أنشئت لحل القضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين ...؟! فقام الرجل ببذل أقصى ما يستطيع من جهد لتمكين إسرائيل، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، ومفاقمة معاناة الشعب الفلسطيني لعقود قادمة. وفي مقال لاحق، سنلقى مزيداً من الضوء على ما قام به هذا السياسي الغربي ضد العرب والمسلمين، تحقيقاً لأهداف السياسة الغربية السوداء ...
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/07/03