قصة وحدث

قصة وحدث: عملية الوعد الصادق تحقق ماعجز عنه الدبلوماسيين

 

"أردتموها حربا مفتوحة ونحن ذاهبون إلى الحرب المفتوحة ومستعدون لها وستكون حربا على كل صعيد إلى حيفا وصدقوني إلى ما بعد حيفا وإلى ما بعد ما بعد حيفا" بهذه الروح الواثقة قاد السيد نصر الله حرب طاحنة شنها الاحتلال الإسرائيلي على لبنان، الحرب التي لم تترك حجرا ولا مدر إلا ساوت به الأرض وحولت الأرض ركاماً ودخاناً يعلو إلى أعنان السماء .. سماء لبنان المقاومة التي أذاقت الاحتلال الذل والهوان بانسحابه من جنوبها في العام 2000 ..هاهو اليوم يحاول لرجوعه ثانية عبر ذريعة الجنديين الأسيرين..

 

تعنت إسرائيلي

كان الاحتلال الإسرائيلي يكابر في إطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين ومن ضمنهم الشهيد سمير القنطار الذي مر على سجنه وتغييبه عن الساحة اللبنانية والفلسطينية حوالي 30 عاماً..فقد فشلت كل المحاولات والمفاوضات غير المباشرة لإطلاق سراحه .. عندها قرر حزب الله أسر جنود إسرائيليين لتحرير بقية اللبنانيين وغيرهم من المعتقلات الإسرائيلية.

السيد نصر الله الذي عرف بالمصداقية عند العدو قبل الصديق والحليف،  كان قد وعد بإطلاق سراح سمير القنطار وإخوانه من المعتقلات الإسرائيلية، وقال السيد نصر الله في مناسبة تحرير مجموعة من الأسرى في 24 يناير 2004م  من بينهم الشيخ عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني وغيرهم، إن الإسرائيليين سيندمون على إبقائهم سمير في سجونهم.. كان سمير يمثل قضية وطن، قضية من النضال والجهاد..والصبر.

 

عملية الوعد الصادق بالمرصاد

الساعة التاسعة من صباح الأربعاء في 12يوليو/تموز 2006م، تحركت قوة عسكرية للاحتلال الإسرائيلي من ستة لثمانية جنود عند بلدة خلة وردة في خراج بلدة عيتا الشعب الحدودية (حيث كانت الفرقة في منطقة الجليل الأعلى بين قريتي زرعيت وشتولا) ..وحدة خاصة من المقاومة الإسلامية –حزب الله- كانت لها بالمرصاد، بواسطة عبوة ناسفة فجرتها حولت القوة المتسللة إلى قتيل جريح.. دارت أيضا اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة، والتحم خلالها رجال المقاومة مع قوات الاحتلال ، وجهاً لوجه تمكن المقاومون من قتل خمسة جنود إسرائيليين (بينهم اثنين أعلن حزب الله وكذلك جيش الاحتلال الإسرائيلي أسرهما وتم نقلهما من أرض المعركة بثلاث سيارات دفع رباعي).

وسعت قوات الاحتلال الإسرائيلية عمليات القصف لتطال بلدات الجنوب اللبناني رامية ورميش ويارون ورشاف والسلطانية حيث تم تدمير منزل يعود لمواطن لبناني.. المقاومة ردت بقصف من صواريخ الكاتيوشا، اضطر قوات الاحتلال لإعادة الاشتباكات بمحيط العملية، وأثناء محاولة تقدم دبابة ميركافا وآليات همر باتجاه الجنوب اللبناني، تمكن المقاومون من الهجوم على الدبابة عن طريق عبوة ناسفة قدر وزنها بـ200 كيلوغراماً وقذائف مضادة للدروع فسقط أربعة قتلى جدد، كما لم يغب تحليق طائرات الأباتشي المروحية عن أجواء المنطقة طوال فترة المواجهات. وأثناء محاولات استخراج الجثث حتى وقت متأخر من الليل قتل أحد الجنود.

الطرفان "المقاومة والاحتلال" أعلنا عن وقوع الجنديين إيهود غولدفاسر وإلداد ريغف تحت الأسر عقب عملية الوعد الصادق، لكن بعد ذلك ذكرت مصادر أخرى أن الجنديين قتلا في الهجوم، إلا أن حزب الله رفض إذاعة نبأ مصرعهما واعتبرهما أسيرين وقال السيد نصر الله حينها لن يستطيع أحداً في هذا العالم من الوصول إليهما .. وكما قال نفذ كعادته إلى أن تمت صفقة لتبادل الأسرى اللبنانيين مع جثمانيهما وذلك في 16 يوليو 2008 أي بعد ما فشلت إسرائيل من استرجاعهما بواسطة الحرب الكونية على لبنان بإيعاز وغطاء دولي وعربي.

 

الاحتلال يعترف بالهزيمة

رغم صعوبة الاعتراف بالهزيمة إلا أنه لا بديل عنها، أشار التلفزيون الرسمي الاحتلال إلى أن الجنديين المصابين أبلغا عن العملية قبل أن يصل إليهما مقاتلو حزب الله ويأسروهما. وبحسب الرواية الإسرائيلية فإن مقاتلي المقاومة دخلوا مسافة مئتي متر وراء السياج الحدودي للوصول إلى المركبتين المعطوبتين. وقال أحد الضباط أن مقاتلي الحزب استخدموا سلما لاجتياز السياج الإلكتروني عند العبور. إن استعدادات "حزب الله" للعملية كانت شاملة، وإن خلية للحزب عمدت إلى تنفيذ محاولة اقتحام أخرى لموقع عسكري في القطاع الغربي. وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن عملية "حزب الله" تمت في موضع يصعب على مواقع الرصد الإسرائيلي مراقبته. هكذا برر جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأضاف أحد الضباط الإسرائيليين بأنه لا يستبعد أن يكون مقاتلو "حزب الله" من أفراد وحدة خاصة خططت للعملية.

 

التخطيط للمواجهة

بحسب مانقلت جريدة السفير اللبنانية عن مصادر من حزب الله إن العملية تم التخطيط لها منذ مطلع العام وأن أمر العمليات وتحديد ساعة الصفر قد اتخذا منذ ثلاثة أيام، عندما تم نشر قوة خاصة من الإسناد الناري في منطقة القطاع الغربي، وأن المواجهة حصلت بشكل مباشر عبر مباغتة الجنود في ناقلتي "الهامر" باشتباك مباشر وجها لوجه، وأدى إلى أسر جنديين ومقتل ثلاثة وجرح اثنين.

 

محاولات الاحتلال للخروج من الفشل

ماكان من الاحتلال الإسرائيلي عبر ما يملك من طائرات حربية وصواريخ متطورة وأحدث الخبرات العسكرية المدعومة دوليا وعالميا وأيضا عربياً بالدعم وتوفير الغطاء السياسي..لا يملك سوا تسليط كل مايملك على المدنيين والبلدات والقرى والمدن فشن حرباً على لبنان حولها إلى ركام، حرباً لم تكن وليدة اللحظة فهي بحسب الأمين العام للحزب الله وبحسب محللين كثر كانت إسرائيل تخطط لشنها إلا أن عملية الوعد الصادق عجلت بالوقت فقط ..وفكان هذا التعجيل في مصلحة المقاومة حيث أنها استعدت للمواجهة متحدية كل العالم المستكبر والعالم المتخاذل ..

 

استمرت الحرب لـ 33 يوماً لم تستطع خلالها "إسرائيل" من تحقيق حتى هدف واحد من أهدافها فحتى الجنديين لم تتمكن من استرجاعهما.. انتصر حزب الله في الحرب باعترافات تقرير فينوغراد وباعترافات كبار الجنرالات في جيش الاحتلال الإسرائيلي. تضامنت كل الشعوب دون استثناء مع المقاومة خرجت مسيرات في كل عواصم ومدن العالم تندد بالعدوان الهمجي الإسرائيلي.  وتوج السيد نصر الله النصر بأن أهداه لكل شريف من لبنان إلى كل العالم ..

 

ذل يقاربه عرس جماهيري

أما الجنديان فقد عادوا إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلية ولكن كما كانت تريد المقاومة وكما قد وعد السيد نصر الله بعود عميد الأسرى سمير القنطار وخمسة فلسطينيين، سلم حزب الله رفات الجنديين الإسرائيليين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الدولية وبذلك يكون لبنان أول بلد عربي قد أغلق ملف الأسرى في 16 يوليو 2008.

وفي عرس النصر استقبلت الجماهير سمير القطنار بحضور صاحب الوعد والأمين على الأرض والشعب، دقائق كانت حضوره على مسرح العرس كانت كفيلة بأن تشرق من نوره الكون كله. حضر ليتوج المحررين بنصرهم ونصر المقاومة وبعدها مباشرة كانت كلمته عبر الشاشات الكبرى امتدت إلى كل بيت حر شريف..الكل يستمع وينظر.. يشاهد هنا قائد وعد وصدق.

أضيف بتاريخ :2016/07/12