آراء ومقالات

الفكر التكفيري يغزو الآثار التاريخية والإسلامية " البقيع الغرقد"

 

لقد أولى النبي الأكرم (ص) مكانة بالغة لأرض البقيع الغرقد حيث كان يقصد البقيع , ويؤمه كلما مات أحد من الصحابة ليصلي عليه ويحضر دفنه،وكان يزور البقيع في أوقات أخرى ليناجي الأموات من أصحابه ويزور قبوهم.

 

وروى مسلم في الصحيح عن السيدة عائشة أنها قالت " كان رسول الله "ص" كلما كانت ليلتي منه يخرج من أخر الليل إلى البقيع فيقول سلامٌ عليكم دار قومٍ مؤمنين , وأتاكم ماتوعدون , وإنّا أن شاء الله بكم لاحقون , اللهم أغفر لأهل بقيع الغرق ".

 

وفي يوم الثامن من شهر شوال سنة 1344هـ أقدم أصحاب الفكر الوهابي على ارتكاب جريمة بحق الآثار الإسلامية والتاريخية وذلك بعد قيام الدولة السعودية الثالثة ،ولاسيما هدمهم لقبور أئمة البقيع عليهم السلام، ومراقد جميع عظماء المسلمين والمشاهد المشرفة في بدر وأحد كقبر سيد الشهداء حمزة بن عبد المطب وبقية قبور شهداء أحد.

 

بخلاف ما يعتقده جمهور المسلمين في العالم الإسلامي وبخلاف كافة الديانات السماوية التي تكرم عظمائها ،يعتقد الوهابيون أن زيارة وتعظيم قبور الأنبياء وأئمة أهل البيت عليهم السلام عبادة لأصحاب هذه القبور وشرك بالله يستحق أصحابها القتل وإهدار الدم!...

 

ولم يكتفوا بتطبيق آرائهم وعقائدهم على من يعتقد بهذا الفكر المتعصب وإنما شرعوا بتطبيقه بقوة السلاح والقتل فلم تسلم بقعة في العالم الإسلامي منهم ، من العراق والشام وحتى البحر العربي جنوبا والأحمر والخليج غربا وشرقا.

 

وكانت المدينتان المقدستان (مكة والمدينة) ولكثرة ما بهما من آثار دينية، من أكثر المدن تعرضا لهذه المحنة العصيبة، التي أدمت قلوب المسلمين وقطعتهم عن تراثهم وماضيهم المجيد. وكان من ذلك هدم البقيع الغرقد بما فيه من قباب طاهرة لذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وخيرة أصحابه وزوجاته وكبار شخصيات المسلمين.

 

وبحجة معتقدات لفئة معينة تخسر الأمة الإسلامية تاريخها وحضارتها وتراثها المجيد الذي يرمز إلى الكثير من فن العمارة الإسلامية والحضارية والثقافية والفكرية والعقائد المرتبطة بهذا الدين العظيم ، فأن الأمم التي تملك حضارة تستثمرها خير استثمار وتحافظ عليها وتسعى إلى ترميم تلك الحضارة والآثار..

 

فلم نجد أي دين سماوي ولا نبي مرسل في أثناء دعوته يفرض على الناس معتقد أو رسالة سماوية إلا أن الفكر الوهابي يعتقد خلاف كافة الأديان ..

 

ولا تزال الأمة الإسلامية تعاني من الفكر التكفيري المنتج من فكر محمد بن عبد الوهاب الذي يكفر كل من يخالف معتقداته ، ويستبيح دمه وعرضه ومقدساته وكانت أخر منتج لهذا الفكر الحركات التكفيرية الإرهابية "جبهة النصرة ، وداعش، والقاعدة ، وبوكو حرام وغيرها " التي هدمت الكثير من الآثار التاريخية والإسلامية في الشام والعراق على غرار ما فعلته الوهابية في الجزيرة العربية .

 

يشار إلى أن العالم الإسلامي يحيي يوم الثامن من شهر شوال من كل عام هذه المناسبة التي تمثل إحياء ونصرة للدين والمقدسات الإسلامية بالكثير من الفعاليات المختلفة " بالانشاد والتمثيل والتجسيد لتلك القباب الطاهرة وألقاء الكلمات وأبداء المواقف المناصرة والتنديد بتلك الجريمة النكراء عبر مسيرات وواقفات استنكارية.

أضيف بتاريخ :2015/07/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد