آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
يوسف القبلان
عن الكاتب :
كاتب سعودي

الأخلاقيات في إدارة الخدمات الصحية


يوسف القبلان

أخلاقيات العمل ذات أولوية وأهمية في كل مجال، وهي بلا جدال العنصر الأهم في مجال الخدمات الصحية. ولهذا السبب يستند العمل في القطاع الصحي على أنظمة وسياسات وإجراءات مكتوبة ومعتمدة. لا يكفي التوعية أو إصدار دليل عن أخلاقيات العمل ولكن يتبع ذلك وجود مرجعية نظامية تحكم عمل كافة العاملين في هذا المجال، إلى جانب وجود إدارة للمراجعة للتأكد من الالتزام بتطبيق الأنظمة والسياسات.

الأهمية البالغة لأخلاقيات العمل في مجال الرعاية الصحية دفعت بالمختصين وأصحاب التجارب للكتابة حول هذا الموضوع بصفة مستمرة.

أحدث الإصدارات هو كتاب بعنوان (الأخلاقيات في إدارة الخدمات الصحية، تأليف كيرت دار، ترجمة د. عبدالمحسن بن صالح الحيدر، مراجعة أ. د فريد توفيق نصيرات، إصدار معهد الإدارة العامة/ الطبعة الخامسة).

مؤلف الكتاب يملك المؤهلات العلمية فهو يحمل الدكتوراه في القانون وفي العلوم، والماجستير في إدارة المستشفيات من جامعة منيسوتا. ولدى المؤلف خبرات إدارية وتعليمية في عدة مواقع فهو أستاذ إدارة المستشفيات في جامعة جورج واشنطن، وعمل في مستشفى مايو كلينيك، ومستشفى سانت ألبانز، ومستشفى البحرية في باثيسدا. وأنهى الزمالة للدكتوراه مع وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، ومع منظمة الصحة العالمية، وهيئة اعتماد تعليم إدارة الخدمات الصحية.

الكتاب يهدف إلى مساعدة مديري الخدمات الصحية في تطوير منهج أخلاقي شخصي، والإحاطة بالقضايا الأخلاقية الإدارية، كما يقدم منهجية لحل المشكلات التي تثيرها تلك القضايا..

المؤلف بهذه الخلفية العلمية والعملية يقدم كتابا ثريا يستحق القراءة عن موضوع الأخلاقيات في مجال الرعاية الصحية. وهو كتاب يهدف إلى مساعدة مديري الخدمات الصحية في تطوير منهج أخلاقي شخصي، والإحاطة بالقضايا الأخلاقية الإدارية كما يقدم منهجية لحل المشكلات التي تثيرها تلك القضايا.

ندخل إلى الموضوع من باب التعريفات. لن نبحر مع الفلاسفة في تعريفاتهم ومعانيهم المتشعبة. ما يهم هنا هو التعريف المرتبط بالعمل في المستشفيات. الأخلاقيات كما يراها الأطباء -حسب المؤلف- تعني الوفاء بتوقعات المهنة والمجتمع والتفاعل مع المرضى بطرق معينة.

المزيد من التعريف بمجال هذا الكتاب وأهميته يرد في المقدمة حيث يوضح المؤلف أن الأخلاقيات الشخصية لمدير الخدمات الصحية تشكل إطارا أخلاقيا للعلاقات مع المرضى والموظفين والمنظمات والمجتمع.. ويوضح أكثر: يعتمد المريض على منظمة الخدمات الصحية وموظفيها لأداء خدمات فريدة في المجتمع حيث تتجاوز مسؤوليات المديرين نحو المرضى واجباتهم الرسمية نحو منظماتهم. ولتوضيح أكثر تحديدا يقول المؤلف: لا شك أن حماية المرضى تتجاوز مجرد توفير بيئة آمنة وموظفين مؤهلين. وهي أكبر من الترخيص والاعتماد والالتزام، وأكبر من وجود فائض نقدي في نهاية السنة المالية. فالمدير هو ضمير المنظمة ووجدانها، وتتمثل تلك المسؤولية في استعداد المنظمة -تدفعها وتوجهها الإدارة- لإدراك وتبني الكرامة الإنسانية المتأصلة في المريض وذلك من خلال تنفيذ البرامج الفعالة التي تحقق وتبلور تلك المسؤولية.

تلك المسؤولية تتوسع لتشمل استخدام الإجراءات والنماذج الفعالة للموافقة وإجراءات العلاج.

ثم تمتد المسؤولية المهنية والأخلاقية لضمان كفاءة كل من يتصل بالمرضى، والتأكد من أنهم يعملون من أجل مصلحة المريض. وعدم اعتبار المرضى خصوما وعدم هجرهم والتخلي عنهم عند حدوث خلل ما في إجراءات الرعاية الصحية.

الكتاب يعرض لبعض الحالات الدراسية والمشكلات الأخلاقية بحثا عن منهجية تساعد الطلاب والمديرين على تطوير مهاراتهم في تحديد المشكلات الأخلاقية والعمل على حلها.

من أجل ذلك قام المؤلف بتحليل بعض تلك الحالات لفائدة القارئ، وترك بعض الحالات بدون تحليل ليتولى القارئ تحليلها بنفسه ويكتسب المهارة المطلوبة. مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود إجابات جاهزة لكل حالة. وعلى رأي المؤلف: (ولو كانت الإجابات الجاهزة متاحة لاختفى تحدي المشكلات الأخلاقية والرضا الناتج عن حلها من حياة المدير المهنية).

هذا الكتاب مهم جدا للمختصين وغير المختصين، للطلاب والمديرين وكافة العاملين في القطاع الصحي بمختلف تخصصاتهم ومستوياتهم الوظيفية. وهو مهم أيضا لكافة أفراد المجتمع كون الموضوعات التي يطرحها الكتاب تهم الجميع فهو يتحدث عن إطار لتحديد وحل المشكلات الأخلاقية، وعن أهمية الفلسفة التنظيمية ودعمها بالأخلاقيات الشخصية والضوابط المهنية. كما يتحدث عن قضايا الأخلاقيات الإدارية ويشمل تضارب المصالح والتزام المنظمة الأخلاقي نحو المرضى والموظفين والمجتمع، كما يتناول الأبعاد الأخلاقية لفيروس نقص المناعة البشرية، إضافة الى القضايا الأخلاقية للمواضيع البيوطبية، وكذلك القضايا الأخلاقية المتعلقة بتسويق الرعاية الصحية.

ألا يستحق هذا الكتاب رغم صدور طبعته الأولى قبل ثلاثين سنة أن يصل بعد تحديثه في طبعات متوالية إلى العاملين في المجال الصحي وفي مقدمتهم وزير الصحة؟ فهل وصل إليهم الكتاب؟ والسؤال موجه إلى معهد الإدارة العامة.

وأخيرا، لا أستطيع إنهاء المقال دون أن أقترح على وزير الصحة تكليف الإدارة المختصة في الوزارة بتحويل هذا الكتاب إلى ورش عمل يشارك فيها الجميع وفق جدولة وتنظيم يحقق الأهداف التي تضمنها هذا الكتاب.

صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/05/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد