اقتصادية

إقرار الميزانية: من ترؤس الملك إلى بيان وزارة المالية

 

أقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في قصر اليمامة بمدينة الرياض، يوم الاثنين "١٤٣٧/٣/١٧ هـ" الموافق "٢٨ ديسمبر ٢٠١٥م"،  ميزانية السنة المالية 1437 / 1438هـ ، والتي سجلت عجزاً قياسياً قُدِّر بمبلغ 326.2 مليار ريال، في ظل التحديات الإقتصادية والسياسية المتمثلة بانخفاض أسعار البترول، وتراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة، وغياب الاستقرار في المنطقة التي تشهد أزمات سياسية وحروب.

 

 مجلس الوزراء توقع أن تبلغ الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي 608 مليارات ريال بانخفاض قدره (15) بالمئة عن المقدر لها بالميزانية. وتمثل الإيرادات البترولية (73) بالمئة منها، والتي من المتوقع أن تبلغ 444.5 مليون ريال بانخفاض نسبته (23) بالمئة عن المقدر في العام المالي السابق 1435 / 1436(2014م).

 

وأضاف أن الدولة السعودية سعت لزيادة الإيرادات غير البترولية التي بلغت هذه الإيرادات163.5 مليون ريال مقارنة بما سجلته في العام المالي السابق 1435 / 1436(2014م) 126.8 مليون ريال، بزيادة قدرها 36.7 مليون ريال بنسبة تعادل 29 بالمئة.

 

وبيَّن  أن المصروفات الفعلية للعام المالي الحالي يتوقع أن تبلغ 975 مليار ريال مقارنة بتقديرات الميزانية البالغة 860 مليار ريال، وذلك بزيادة قدرها 115 مليار ريال، وبنسبة (13) بالمئة، بعجز متوقع قدره 367 ريال، زاعماً أن الزيادة في المصروفات جاءت بشكل رئيسي نتيجة صرف رواتب إضافية لموظفي الدولة السعوديين المدنيين والعسكريين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والمتقاعدين، بالإضافة لما تم صرفه على المشاريع الأمنية والعسكرية وما تم صرفه على مشاريع ونفقات أخرى متنوعة.

 

تشمل المصروفات مبلغ 44 مليار ريال تقريباً للأعمال التنفيذية وتعويضات نزع ملكية العقارات لمشروعي توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.

 

ولا تَشـمل المصـروفـات مـا يَخُص مشاريع البرامج الإضافية (الإسكان، والنقل العام، والبنية التحتية) المُمَوَّلَة من فائض إيرادات الموازنات السابقة والتي يُقَدَّر أن يبلغ المنصرف عليها في نهاية العام المالي الحالي 22 مليار ريال والتي تتحمل نفاقاتها مؤسسة النقد العربي السعودي.

 

وبلغ عدد عقود المشاريع التي تم إجازتها خلال العام المالي الحالي من قبل الوزارة، بما فيها المشاريع الممولة من فوائض إيرادات الميزانيات السابقة، نحو 2.650 عقداً تبلغ تكلفتها الإجمالية 118 مليار ريال.

 

 وزير المالية فنّد عناصر الميزانية العامة للدولة للعام المالي القادم 1437 / 1438هـ، فبيَّن أن الإيرادات العامة: قُدِّرَتْ بمبلغ (513.8) خمس مئة وثلاثة عشر ملياراً وثمان مئة مليون ريال، وحددت المصروفات العامة بمبلغ (840) ثمان مئة وأربعين مليار ريال.

 

وقدَّر العجز في الميزانية بمبلغ 326.2 مليار ريال، مضيفاً أنّه سيتم تمويل العجز وفق خطة تراعي أفضل خيارات التمويل المتاحة، ومن ذلك الاقتراض المحلي والخارجي وبما لا يؤثر سلبا على السيولة لدى القطاع المصرفي المحلي لضمان نمو تمويل أنشطة القطاع الخاص.

 

وأشار وزير المالية إلى أنه نظراً للتقلبات الحادة في أسعار البترول في الفترة الأخيرة، فقد تم تأسيس مخصص دعم الميزانية العامة بمبلغ 183 مليار ريال لمواجهة النقص المحتمل في الإيرادات.

 

ويُتوقع أن تواصل صناديق التنمية الحكومية (صندوق التنمية الصناعية السعودي، وصندوق التنمية الزراعية السعودي، وصندوق التنمية العقارية، وبنك التسليف والادخار) ممارسة مهامها في تمويل المشاريع التنموية المختلفة بأكثر من 49.9 ملياراً وتسع مئة مليون ريال.

 

وأفاد الوزير أن ميزانية العام المالي القادم اعتُمدت في ظل الانخفاض الشديد لأسعار البترول حيث تراجع متوسط هذه الأسعار لعام 2015م بما يزيد عن 45بالمئة عن معدلها عام 2014م، وشهدت الأسعار في الأسابيع الأخيرة من هذا العام أدنى مستوياتها منذ إحد عشر عاماً. وفي ظل ظروف اقتصادية ومالية إقليمية ودولية تتسم بالتحدي، حيث تراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة.

 

وأشار وزير السعودي إلى أنه من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام 1436 / 1437 (2015م) وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء 2.450 مليار ريال بالأسعار الجارية بانخفاض نسبته 13.35 بالمئة مقارنة بالعام المالي السابق 1435 / 1436 (2014م). ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير النفطي بشقيه الحكومي والخاص نمواً بنسبة 8.37 بالمئة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 14.57 بالمئة والقطاع الخاص بنسبة 5.83 بالمئة، أما القطاع النفطي فمن المتوقع أن يشهد انخفاضاً في قيمته بنسبة 42.78 بالمئة بالأسعار الجارية.

 

وبالأسعار الثابتة لعام (2010م) فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.35 بالمئة، وأن ينمو القطاع النفطي بنسبة 3.06 بالمئة، والقطاع الحكومي بنسبة 3.34 بالمئة والقطاع الخاص بنسبة 3.74 بالمئة، بحس وزير المالية. ويقدر أن يصل النمو الحقيقي في نشاط الاتصالات والنقل والتخزين إلى 6.10 بالمئة، وفي نشاط التشييد والبناء إلى 5.60 بالمئة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق إلى 3.86 بالمئة، وفي نشاط الصناعات التحويلية غير النفطية إلى 3.23 بالمئة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال إلى 2.55 بالمئة.

 

وارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة خلال العام الحالب بنسبة (2.2) بالمئة عمَّا كان عليه في عام 1435 / 1436 (2014م) طبقاً لسنة الأساس (2007م).

 

 أمَّا مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي الذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعاً نسبته (2.02) بالمئة في عام 1436 / 1437 (2015م) مقارنة بما كان عليه في العام السابق وذلك وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء.

 

البيان السنوي لوزارة المالية

 

و أصدرت وزارة المالية بيانها السنوي عن ميزانية العام المالي 1438/1437هـ 2016م. وتضمن البيان أهم التطورات المالية شبه الفعلية للعام المالي 2015م، وخطط وتوقعات الوزارة للعام المالي 2016م.

 

وما زالت النتائج النهائية للعام المالي 2015م غير مكتملة، حيث سيستمر الصرف من بعض بنود الميزانية لفترة من الوقت، كما أن العام المالي لا ينتهي إلا بنهاية شهر ديسمبر، ولهذا فإن تقديرات الصرف والإيراد الفعلي للعام المالي 2015م شبه مؤكدة ولكنها غير نهائية.

 

التطورات المالية لعام 2015

 

قدرت ميزانية العام المالي 2015م وصول إجمالي الإنفاق الحكومي خلال عام 2015م إلى 860 مليار ريال، أما بيان ميزانية 2016م فذكر أن إجمالي المصروفات الحكومية خلال العام المالي 2015م سيصل إلى نحو 975 مليار ريال، كما ذكر البيان أن هذه المصروفات لا تشمل مبلغ 22 مليار ريال تم صرفه من الحسابات المخصصة للصرف على مشاريع البرامج الإضافية، التي تشمل الإسكان والنقل العام.

 

وعلى الرغم من أن وزارة المالية لا تدخل هذا المبلغ في إجمالي المصروفات العامة لعام 2015م إلا أنه جزء من إجمالي الإنفاق الحكومي، ولهذا فإن إجمالي الإنفاق الحكومي خلال عام 2015م هو 997 مليار ريال، أو نحو تريليون ريال. وتراجع الإنفاق الحكومي في عام 2015م بنحو 14.5 في المائة من مستواه القياسي في عام 2014م والبالغ 1140 مليار ريال.

 

من جهة أخرى، لو تم تضمين الإنفاق على البرامج الإضافية في إجمالي الإنفاق خلال العام الحالي لكان تراجع الإنفاق الحكومي في عام 2015م بحدود 12.5 في المائة عن نظيره في عام 2014م.

 

وعلى الرغم من تراجع إجمالي الإنفاق السنوي إلا أنه كان أعلى مما خطط له في ميزانية عام 2015م.

 

ولسوء الحظ شهد عام 2015م تراجعا في أسعار النفط فاق توقعات معظم المختصين. وقد أدى تراجع أسعار النفط إلى خفض كبير في إيرادات الدولة النفطية الفعلية خلال عام 2015م، حيث فقدت نحو نصف مستوياتها مقارنة بالعام الذي قبله. وقد أجبر التراجع الكبير في الإيرادات النفطية - خصوصا في الأشهر الأخيرة – الدولة على اتخاذ إجراءات احترازية للتكيف مع الوضع الجديد من خلال الحد من النفقات والعودة إلى إصدار السندات.

 

ولم يتوقع معظم المحليين في بداية عام 2015م أن تتراجع أسعار النفط إلى المستويات المنخفضة التي تشهدها خلال النصف الثاني من عام 2015م.

 

.وخلافا لتوقعات الميزانية وتوقعات معظم المحليين في ذلك الوقت تراجعت متوسطات أسعار النفط بمعدلات قوية خلال العام، وتدنى متوسط أسعار النفط العربي الخفيف إلى نحو 51 دولارا للبرميل في الأحد عشر شهرا الأولى من عام 2015م. وقد تراجعت أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة ما سيتسبب في تراجع متوسط سعر النفط العربي الخفيف السنوي إلى مستويات قريبة من 50 دولارا للبرميل في عام 2015م. وهذا يقل بنحو 44 دولارا للبرميل عن متوسط أسعار 2014م. وقد أدى الانخفاض الكبير في أسعار النفط إلى تراجع مماثل في الإيرادات النفطية الحكومية من نحو 913 مليار ريال في عام 2014م إلى نحو 445 مليار ريال في عام 2015م، وهذا يمثل تراجع بنحو 51.3 في المائة.

 

وقاد الانخفاض الكبير في الإيرادات النفطية إلى نمو كبير في العجز المالي من 145 مليار دولار كما هو مخطط له في الميزانية إلى نحو 367 مليار ريال كما ورد في بيان ميزانية 2016م.

 

صغر الحجم النسبي للإيرادات غير النفطية لم يؤثر كثيرا في إجمالي الإيرادات أو حجم العجز المالي. واعتمدت الدولة على السحب من احتياطاتها المالية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لتغطية معظم العجز المالي، ولكنها اقترضت من السوق المحلية 98 مليار ريال أو أكثر بقليل من ربع العجز المالي.

 

سياسات وتوقعات الميزانية لعام 2016

 

وقدرت إيرادات الدولة العامة للعام المالي 2016م بنحو 513.8 مليار ريال، ولم توضح أي تفاصيل عن تقديرات الإيرادات النفطية وغير والنفطية. وكانت الإيرادات غير النفطية قد بلغت 163.5 مليار ريال في عام 2015م، ولهذا من المتوقع ألا تقل الإيرادات غير النفطية عن المحصل فعليا في عام 2015م.

 

 من جهة أخرى، تطرق بيان الميزانية إلى حزمة من الإصلاحات المالية والهيكلية، التي تتضمن زيادة خصخصة الاقتصاد، ومراجعة الدعم الحكومي بما في ذلك الدعم المقدم لمنتجات الطاقة، ومراجعة الرسوم الحالية واستحداث رسوم جديدة وإمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وتحقيق نمو للإيرادات الأخرى بنسبة 10 في المائة فقط سيرفع حجمها خلال العام المالي 2016م إلى نحو 180 مليار ريال.

 

وتشير تقديرات الإيرادات في بيان الميزانية إلى تراجع واضح في حجم الإيرادات النفطية إلى نحو 330 مليار ريال. وهذه التقديرات تفترض بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة تصل إلى 38 دولارا للبرميل.

 

وتشير تقديرات الميزانية إلى أن مصروفات العام المالي 2016م ستكون بحدود 840 مليار ريال. وكالعادة لن تشمل هذه المصروفات بعض النفقات على مشاريع معينة كمشاريع الإسكان والنقل العام. ولا توحي بيانات الإنفاق التقديري للعام 2016م بأي خفض فعلي عن مستويات الإنفاق في 2015م. وبناء على ذلك فلا يتوقع أن يحدث تغيرا كبيرا في سياسة الإنفاق الحالية على الرغم مما ورد في بيان الميزانية من إصلاحات بخصوص الإنفاق.

 

ورد في بيان الميزانية تقديرات عن العجز المالي لعام 2016م ولكن لم توضح خطط تمويل هذا العجز. ومن المقرر أن يبلغ العجز المالي 320.2 مليار ريال في عام 2016م.

 

ومستوى العجز يقل بنحو 12.8 في المائة عن مستواه في عام 2015م حسب بيان الميزانية. وسيمول جزء من العجز عن طريق السحب من احتياطيات الدولة المالية. وقد ورد في البيان أنه سيتم تمويله وفق خطة تراعي أفضل خيارات التمويل المتاحة بما في ذلك الاقتراض المحلي والخارجي.

أضيف بتاريخ :2015/12/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد