آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. منصور الجمري
عن الكاتب :
كاتب بحريني ورئيس تحرير صحيفة الوسط البحرينية

الأنموذج التركي تحت الضغط


منصور الجمري

الأمور التي حدثت منذ مطلع يناير/ كانون الثاني 2016 كثيرة جداً، وبعضها غيّر المعادلة السياسية في المنطقة التي تمرّ في مخاضٍ متلاطم. وفي خضمّ كل ذلك، ربما لم نلتفت لبعض ما يجري هنا وهناك، ومن ذلك تقلب التصريحات التركية بصورة سريعة جداً في عدة قضايا.

ومن تلك التقلبات، ما ذكرته وكالات الأنباء في 1 يناير 2016، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشار إلى ألمانيا النازية بزعامة هتلر في معرض دفاعه عن النظام الرئاسي القوي الذي يريد إقامته في بلاده. ونقلت عنه وسائل الإعلام قوله للصحافيين خلال عودته من زيارة إلى السعودية مساء الخميس: «في ظل نظام وحدوي (كما في تركيا) بالإمكان إقامة نظام رئاسي بشكل ممتاز. هناك أمثلة في العالم وعبر التاريخ. وترون المثال في ألمانيا هتلر».

غير أن صدى ذلك التصريح ذهب بعيداً جداً، فتركيا عضو في حلف الناتو، ومثل هذا التصريح لا يناقض فقط مبادئ الحلف، وإنما يقلبها رأساً على عقب. ولذا، فقد سارعت الرئاسة التركية إلى توزيع بيان نفت فيه أن تكون إشارة أردوغان إلى هتلر تضمنت أي تأييد للنازية. وجاء في البيان: «من غير المقبول أن تقدم ملاحظات الرئيس عن النازية باعتبارها إشارة إيجابية، وهو الذي أعلن أن المحرقة ومعاداة السامية مع الإسلاموفوبيا هي جرائم ضد الإنسانية». وأضاف البيان أن «ألمانيا هتلر مثال سيّئ كانت له تداعيات كارثية لجهة استغلال النظام أكان برلمانياً أو رئاسياً».

أردوغان يقود تركيا منذ عام 2002، أولاً كرئيس للوزراء ومن ثم كرئيس منذ عام 2014، وهو يسعى إلى تعديل الدستور بحيث ينتقل دور الرئيس من منصب رمزي إلى رئيس بصلاحيات واسعة، مثل أميركا وروسيا وفرنسا. وقال أردوغان إنه يعتزم خلال العام الجديد تعبئة المجتمع التركي للنقاش من أجل التوصل إلى «توافق اجتماعي» حول طموحاته الرئاسية.

كان يشار إلى تركيا قبل الربيع العربي، وقد اختارها الرئيس الأميركي باراك أوباما عندما تسلم رئاسته الأولى في مطلع 2009 لزيارتها وإعلان عزمه الاستفادة من تركيا لتكون جسراً بين الشرق والغرب، بين المسلمين وغير المسلمين، بين الإسلام والديمقراطية. كان ذلك الطرح يتسق مع الجاذبية العالية التي وصلت إليها تركيا بين المسلمين وغير المسلمين، وحتى إن أبطال مسلسلاتها التلفزيونية بدأوا يؤثرون في المجتمعات العربية، بصفتهم أنموذجاً عصرياً راقياً يستمد جذوره من بيئة مسلمة. بعد الربيع العربي انقلبت أمور كثيرة، ومن بينها الجاذبية التي كانت تحظى بها تركيا في سنوات ماضية، كأنموذجٍ يحتذى.

أضيف بتاريخ :2016/01/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد