آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. جمال زهران
عن الكاتب :
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وأمين عام مساعد التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية.

انتصارات الجيش السوريّ وكسر غرور أردوغان…

 

د. جمال زهران

بمتابعة ما يجري على الأرض السورية المحتلة في إدلب وحلب قبل تحريرها، خلال الأسابيع الأخيرة، يتضح أنّ الجيش العربي الأول في سورية، استطاع أن تمتدّ مواجهاته ليس ضدّ الارهابيين فقط، بل إلى الجيش التركي نفسه وبشكل مباشر، ويوقع بهم خسائر فادحة نقلتها وسائل الإعلام على الهواء مباشرة.
فالذي أنجزه الجيش العربي السوري، كبير للغاية. فقد استطاع تحرير حلب المحافظة والريف، والطريق الإقليمي (5 و4) الدولي، ومن الجانبين، بالإضافة إلى أهمّ ثلاث مناطق هي: معرة النعمان، وخان شيخون، وسراقب. ولعلّ المعركة حول سراقب على وجه التحديد باعتبار أنّ موقعها الجغرافي حاسم، إما السيطرة على الطريقين الدوليين، والتحكّم فيهما، وتمكين المواطنين والتجار من ارتيادهما ونقل بضائعهم ومنتجاتهم بكلّ حرية، فضلاً عن استخدامه مدنياً في التصدير والتنقل الآمن بين حلب ودمشق، وحلب واللاذقية، بما يعيد الاقتصاد الوطني إلى سيرته الأولى، وإما استمرار الإرهاب والنفوذ التركي الداعم له! ولذلك تحرك أردوغان تركيا من أجل دعم الإرهابيين وتزويدهم بالمال والسلاح المتقدّم ومئات المدافع المضادة للطائرات، والدبابات، إلا أنه مع فشلهم في التصدي لقوات الجيش العربي السوري، وتحرير أكثر من نصف إدلب، لم يجد هذا المتغطرس سبيلاً آخر، سوى التدخل العسكري بنفسه وبقواته، ودخل الحرب فعلاً في مواجهة الجيش العربي البطل. وزجّ بنفسه، وتصوّر واهماً أنّ ما لم يستطع الإرهابيون إنجازه في المواجهة مع الجيش السوري، سينجزه هو متوهّماً أنّ جيشه هو الأقوى، ولذلك اعتبر أنّ المعركة الأولى هي في منطقة سراقب، لتكون معركة فاصلة، ويستنشق الإرهابيون أنفاسهم لتستمرّ الحرب في سورية! إلا أنه عاش الهزيمة بنفسه، ووجد نفسه يدخل معركة خاسرة، استمرّت نحو أسبوعين دون إحراز أيّ تقدّم! وأجبر على التقهقر عن سراقب إلى الخلف، بعدما واجه خسائر ضخمة للغاية. وظلت الطرق الدولية تحت السيطرة السورية بفضل جيشها البطل المغوار. وفوجئنا والعالم كله معنا، بأردوغان المتغطرس مثل أسياده، يطالب بالإنقاذ حفاظاً على ماء الوجه، وذلك بمطالبته بوقف إطلاق النار!
وكان قد خلّف الوضع ما يلي:
1 ـ حجم الخسائر البشريّة التركية، كانت قد وصلت إلى مقتل نحو (400) جندي تركي، بينهم عدد الثلث ضباط، وجرح نحو (4000) شخص إصابات متنوّعة!
2 ـ حجم الخسائر في العتاد كبير، شمل عدداً كبيراً لم يحدّد من الدبابات تمّ تدميرها، مع إسقاط نحو (11) طائرة مسيّرة، وطائرة عسكرية اف (35)، وتدمير عدد كبير من الناقلات، كما ورد في أحد التقارير الهامّة والدقيقة.
3 ـ الانسحاب المخزي الذي وصل إلى الفرار الجماعيّ للجنود الأتراك، يسبقهم الفرار الجماعي للإرهابيين، الذين تجاوز عدد قتلاهم الـ (4000) شخص، بخلاف أعداد بالآلاف مصابين.
4 ـ أسر أعداد كبيرة من جنود أردوغان، والإرهابيين، فضلاً عن أسر جثث الجنود الأتراك، الذين تركهم زملاؤهم فارّين من المواجهة الشرسة للجيش السوريّ.
5 ـ لعب الطرف الروسي دوراً هاماً في دعم الجيش العربي السوري، حيث مثلت القوات الروسية وطائراتها، الغطاء الحمائي لقوات الجيش السوري، وكان لهذا التدخل، الأثر الهام في التعجيل والإسراع بخسائر الجيش التركي راح ضحية عملية واحدة نحو (40) من جنود وضباط أردوغان! ولم يكن في حسبان أردوغان مثل هذا التدخل الروسي، وناشد أردوغان الرئيس الروسي بوتين، برفع يده عن دعم القوات السورية من أجل تمكينه من الاستفراد بها، وإيقاع الهزيمة بالجيش السوري، الأمر الذي رفضه بوتين نهائياً.
ـ وقد كان لهذه التداعيات الايجابية بالنسبة لسورية شعباً وجيشاً وقيادة، وفي المقابل التداعيات السلبية لأردوغان وجماعاته الإرهابية، أن طلب أردوغان وملحاً في الطلب، المقابلة العاجلة مع الرئيس الروسي بوتين، على مستوى القمة، وذلك بعدما تخلت عنه أوروبا وأميركا وحلف الناتو الذي رفض طلبه بالتدخل والمساندة! والتقى أردوغان مع بوتين في موسكو، وهو منكسر، مطأطأ الرأس، يلاحقه العار بالهزيمة الساحقة لقواته، التي ضلت الطريق تحت قيادته، وذلك يوم الخميس (5) آذار/ مارس الماضي، فماذا كانت النتيجة وفقاً لما أعلن في المؤتمر الصحافي في نهاية اللقاء:
1 ـ الإقرار والاعتراف، بما سيطرت عليه قوات الجيش السوري، من مناطق وأراضٍ ونقاط ارتكاز في الأراضي السورية بإدلب، وبالتالي إلغاء فكرة انسحاب القوات السورية إلى ما قبل المعارك الأخيرة!
2 ـ الاتفاق على الانسحاب الكامل من مساحات كبيرة، من قبل الارهابيّين، توافقاً مع اتفاق سوتشي، والتزام أردوغان بذلك، وبذلك تكون مساحة الثلثين من إدلب تكون قد تحرّرت تماماً.
3 ـ الاتفاق على مساحة فاصلة حول الطرق الدولية، كمنطقة آمنة بعرض (6) كم، وبالقرب من الحدود، وبذلك تصبح الطرق الدولية الاقليمية آمنة، وصالحة لحركة المدنيين والتجارة بين مدن حلب وإدلب واللاذقية ودمشق وغيرها.

ولا شك في أن لقاء بوتين/ أردوغان، كسر أنف أردوغان الذي جاء إلى موسكو مهزوماً ومدحوراً من الجيش السوري، الذي لولا انتصاراته على جيش أردوغان، ما كان ما تم، أو ممكناً أن يتمّ، والدليل الانتهاك وعدم الالتزام باتفاق سوتشي طوال هذه الفترة، والله الداعم، وتحيا سورية.
 

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2020/03/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد