آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

أنظف عشر مدن في العالم!


قاسم حسين ..

نشر موقع إحدى القنوات الفضائية تصنيفاً خاصاً بالنظافة، واختار أنظف عشر مدن في العالم، لم يكن بينها مدينة عربية أو إسلامية واحدة.

لن نتوقف عند أسماء المدن، وإنّما عند أسماء البلدان، لنرى توزيعها الجغرافي، البعيد جداً عن نطاق العالمين العربي والإسلامي.

من ناحية التوزيع القاري، 6 دول تقع في أوروبا التي تضم حوالي 33 بلداً: لوكسمبورغ، سويسرا، ألمانيا، السويد، النمسا والنرويج. وهي دولٌ تتوزع على غرب وشمال أوروبا.

في آسيا، أكبر القارات وأكثرها ازدحاماً بالسكان والأديان، والتي تحتضن الشرق الأوسط الذي خرجت منه الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، برزت دولتان فقط: اليابان وسنغافورة، الأولى خرجت من الحرب العالمية الثانية أنقاضاً وخرائب فأصبحت دولة صناعية كبرى، والثانية كانت جزيرة صغيرة فقيرة قبل ستين عاماً، فأصبحت من المراكز المالية الأكثر ازدهاراً في العالم، وحصلت على المرتبة الـ 11 على مؤشر «جودة الحياة» على مستوى العالم.

في القارة الأميركية، الشمالية والجنوبية معاً، على رغم وجود عشرات الدول، خرجت دولةٌ واحدةٌ فقط هي كندا - وليست الولايات المتحدة - وهي دولةٌ مترامية الأطراف قليلة السكان في أقصى الغرب، تتمدّد بين محيطين: الأطلسي والهادي، وتقع في الشمال، أما القارة الجنوبية فكلها خارج التغطية.

في أقصى الشرق، أستراليا، القارة البعيدة المعزولة التي لم تكتشف إلا قبل أقل من 250 عاماً، وكان أوائل المستوطنين فيها من المهاجرين الذين شكّل السجناء الجنائيون أغلبيتهم، لكنها أصبحت من الدول المتقدّمة المزدهرة التي يحكمها نظامٌ ديمقراطيٌ راسخٌ منذ أكثر من قرن، بينما تتعثر دولنا في تجاربها الديمقراطية الهشة، وتعيد إنتاج أنظمة القمع والاستبداد.

كل هذه الدول العشر، ليس بينها بلدٌ عربيٌ ولا إسلاميٌ واحدٌ، ولا يدرس طلابها أحاديث نبوية، تقول بالحرف الواحد: «النظافة من الإيمان»، ويعلّق هذا الحديث في فناء كل روضة ومدرسة ليقرأه الطلاب كل صباح.

مع احترامنا لمعتقدات وأديان الشعوب الأخرى، لم يكن هناك دينٌ اهتم بنظافة أتباعه، وحرص على توجيههم للالتزام بحذافيرها، مثلما فعل الدين السائد في هذه المنطقة. ففي منطقةٍ صحراويةٍ، قليلة الموارد، شحيحة المياه، اهتم الإسلام بالنظافة، وفرضَ الوضوءَ لكل صلاةٍ؛ والاغتسال من كل قذارة مادية أو معنوية. ورسم نبيّ هذه الأمة لها قواعد يومية، من آداب الجلوس إلى المائدة وقواعد الأكل بتروٍ، إلى تقليم الأظافر أسبوعياً، والاغتسال قبل الذهاب لصلاة الجمعة، واستحباب التعطّر لكل صلاة. ونهى عن الذهاب للمسجد كلّ من أكل طعاماً يخلّف رائحةً كريهةً تؤذي الآخرين كالثوم وما شابه من بقوليات. كان الدين الجديد يوجّه المؤمنين به، للاهتمام بكنس البيت، وتنظيفه ورشّه بالماء، في تلك البيئة الصحراوية القفراء.

كل هذه الدول العشر، دول غنية، وهي دول رفاه اجتماعي، فالنظافة مرتبطةٌ بالغنى، لكن الغنى وحده لا يكفي لأن تكون «دولة نظيفة»، ولا كل الشعوب الغنية نظيفة بالضرورة، وليس كذلك الفقراء.

النظافة ترتبط بالسلوك، والسلوك ثقافة، نتلقاها ونتشربها من أسرنا ومدارسنا ومحيطنا وأنظمتنا، وكما هو واضحٌ كم أننا بعيدون عن الثقافة التي نؤمن بها نظرياً، ونخالفها ونكفر بها عملياً في حياتنا اليومية، فمن بين خمس وخمسين دولة إسلامية، لم يخرج بينها بلد واحد على قائمة أنظف عشر مدن في العالم.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/04/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد