آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

دويلات «داعش»


قاسم حسين ..

لم يكن يخطر على بال أحد من المسئولين الغربيين أنه بعد خمسة عشر عاماً من احتلال أفغانستان، للقضاء على تنظيم «القاعدة» وإمارة «طالبان»، ستنشأ عدة قواعد ودويلات في عدد من البلدان، في قلب الشرق الأوسط الجديد!

بعد خمس سنوات من تفاعلات الأحداث في المنطقة، قامت «دويلة» في العراق والشام، وأخرى في ليبيا، وثالثة في سيناء، ورابعة في جنوب اليمن.

«الإندبندنت» نشرت في نسختها الرقمية السبت الماضي موضوعاً لمراسلها لشئون الشرق الأوسط، باتريك كوكبيرن، حمل عنواناً ساخراً: «بفضل التدخل البريطاني الأميركي تنظيم القاعدة الآن يمتلك دولة صغيرة في اليمن في تكرار لسيناريو العراق وتنظيم الدولة الإسلامية»!

كوكبيرن يرى أن ما جرى بسبب التدخل الأميركي البريطاني في اليمن أدى إلى تكرار ما حدث في العراق بعد التدخل العسكري الغربي، من سيطرة تنظيم «داعش» على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسورية، وهو ما يتكرّر في اليمن بعد أن تمكّن مقاتلو تنظيم «القاعدة» من تكوين دولة صغيرة هناك، بعدما عمّت الفوضى، ما خلق ظروفاً مثالية لانتشار وسيطرة التنظيمات المتطرفة مثل «القاعدة» و»داعش».

كوكبيرن يقدّر حجم الدولة الصغيرة التي أقامها تنظيم «القاعدة» في اليمن، بمساحة أكبر من 600 كيلومتر مربع تمتد على السواحل الجنوبية للبلاد، وتسيطر عليها «حكومة منظمة»، بحسب تعبيره، وتقوم بتحصيل الضرائب والعائدات. وهو حالٌ من التمكّن وفرض السيطرة يشبه إلى حدٍّ بعيد، ما كان يقوم به تنظيم «داعش» في المدن الكبرى التي سيطر عليها في سورية والعراق، من فرض أتاوات، وتطبيق تشريعاته وقوانينه، حتى وصل إلى مصادرة وبيع ممتلكات ومنازل المواطنين في تلك المناطق، مسلمين ومسيحيين.

في ملاحظةٍ مهمةٍ جدّاً، يشير كوكبيرن، إلى أن «القاعدة» بعدما كان مختبئاً لا يُلاحظ نشاطه أحد، أخذ يتمدّد حاليّاً، ويوسّع منطقة سيطرته، بالطريقة نفسها التي سار عليها «داعش» في العراق والشام.

في الضفة الأخرى من العالم العربي، فرض «داعش» وجوده في ليبيا، وخصوصاً بعد لجوء الكثير من كوادره وقياداته إلى شمال إفريقيا في أعقاب الضربات العسكرية المركّزة في العراق والشام، التي أطاحت بعددٍ من قياداته وألحقت به خسائر بشرية كبيرة، وضربت خطوط إمداده وقوافل الشاحنات التي كان يستخدمها لتهريب النفط المسروق.

الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي اعتمد سياسةً غامضةً ملتويةً، وشكّل تحالفاً دوليّاً صوريّاً لمحاربة «داعش»، بينما كان يراهن على دوره في زيادة تمزيق المنطقة وإنهاك جميع الأطراف فيها، صرّح الأسبوع الماضي بأن «أسوأ خطأ ارتكبه كان عدم وضع خطة لمتابعة الوضع في ليبيا»، لمرحلة ما بعد القذافي. وهو الأمر الذي انتهى بتمزيق ليبيا كما شاهدنا، وتحوّلها إلى بؤرة تستقطب عناصر التنظيمات التكفيرية من بقية الدول، وإعادة تصديرها لنشر الفوضى في دول الجوار، من تونس ومصر، إلى الجزائر والمغرب، فضلاً عن تحوّلها إلى ميناء لتصدير قوافل المهاجرين باتجاه أوروبا.

اعتراف أوباما المتأخر جدّاً، لن يغيّر من مرارة الأوضاع القائمة في سورية والعراق، ومصر واليمن، وتونس وليبيا وشبه جزيرة سيناء.

المسيء جدّاً في اعترافات أوباما، قوله إنه كان على اقتناع بأن الأوروبيين سيكونون معنيين بشكل أكبر بعملية المتابعة لقربهم الجغرافي من ليبيا، لكن كاميرون تلهّى بأمور أخرى»! وهو ما يعكس ثقل دولنا العربية في ميزان العلاقات الدولية... حيث يجري معاملتنا والحديث عنّا بمنتهى الاستخفاف.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/04/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد