آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
زهير الدجيلي
عن الكاتب :
كاتب وصحفي وشاعر عراقي، يعمل حالياً كاتباً ومحللاً سياسياً في صحيفة القبس وإذاعة الكويت

الرد الأميركي على «مركز بغداد» يكشف خللاً استراتيجياً وأخلاقياً


لم يتوقع المراقبون أن يصل رد الفعل الأميركي على الاتفاق الرباعي بين العراق وروسيا وإيران وسوريا إلى درجة امتناع واشنطن عن القيام بطلعاتها الجوية الاستخباراتية والهجومية على مواقع «داعش» في الأنبار، مما أعطى انطباعاً بأن الصراع الأميركي الروسي انتقل إلى أرض العراق، وأن إستراتيجية الحرب الأميركية ضد «داعش» شكلية تتأثر بعلاقاتها الدولية سلباً وإيجاباً، وأن ما يقال عن ارتباط «داعش» استراتيجياً بالدوائر الصهيونية الخفية الداعمة لإسرائيل في إدارة أوباما ليس إشاعة أو تكهنات، وأن هناك تصرفات في السياسة الأميركية قد تؤكد هذه التكهنات.

وتساءلت مصادر عسكرية عراقية في حديثها لـ القبس عن ربط واشنطن غيظها من الاختراق الروسي لمجالها السياسي في الشرق الأوسط بالتزاماتها للعراق في الحرب ضد «داعش». فامتناع القيادة العسكرية الأميركية في قاعدتي التقدم وعين الأسد في الأنبار من إعطاء جواب مقنع عن سبب توقفها عن الجهد العسكري الجوي الداعم للقوات الأمنية العراقية في الأنبار يؤكد أن لواشنطن حساباتها الخاصة التي قد تتقاطع مع مصالح بغداد التي راحت ضحية تخبط السياسة الأميركية ونكوصها وعدم جديتها في نقل العراق من حالة الدمار إلى حالة الاستقرار.

إن الرد الأميركي على الاتفاق الروسي العراقي بهذا الشكل أعطى دعماً مباشراً وغير مباشر لتنظيم داعش الذي يحاصر عن بعد القاعدتين الأميركيتين، ويجعل عملية تحرير الأنبار التي تقوم بها القوات العراقية الآن تواجه صعوبات وتسير ببطء شديد.

ورغم أن العراق يعتمد على قواته الجوية، وأنه ما زال يذكر في بياناته دور التحالف الدولي في قصف مواقع «داعش»، ولكن ليس في هذا القصف رائحة صواريخ أميركية. فكل شيء توقف على حد قول قائد القوات الأميركية في الأنبار بذريعة أن القوات العراقية لم تستكمل بعد استعداداتها لا من ناحية التجهيز ولا من ناحية التدريب، ومعنى هذا القول إن كل ما قالته واشنطن عن دورها في تقوية العراق عسكرياً منذ 12 عاماً، وكل ما قالته عن دورها في تطهير العراق من الإرهاب هو جعجعة بلا طحين ومزاعم غير صحيحة. لقد كشفت روسيا عورة الاستراتيجية الأميركية الوهمية في إنقاذ سوريا والعراق من الإرهاب، وجعلتنا نصدق ما قالته مصادر في موسكو من أن أهم دوافع التدخل الروسي في المنطقة هو قناعة بأن انفراد الأميركيين بالمجالين العسكري والسياسي في الشرق الأوسط سيبقي على داعش لخمسين سنة مقبلة، فهي بذلك كمن يحلب التيس ويقول للآخرين أن حليبه رائب.

لقد لعبها بوتين بمهارة وحذاقة سياسية حين اخترق المجال السياسي الأميركي في المنطقة بالسوخوي التي ستجوب الأجواء العراقية بدلاً من القاذفات الأميركية التي يتحكم بأجنحتها المزاج المضطرب في السياسية الأميركية المتردية.. «يا دجاجة غيضج ما يسوى بيضج!».

 

الكاتب: زهير الدجيلي

جريد القبس الكويتية.

أضيف بتاريخ :2015/10/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد