دولية

’ #فوربس’ : هل تحتاج الولايات المتّحدة إلى حليف كالمملكة #السعودية؟

 

"بالرغم من الشكوك حول العلاقة الأمريكيّة مع السعوديّة مؤخّراً، سافر الرئيس باراك أوباما إلى الرياض، وسعى كالعادة إلى "طمأنة" الملكيين السعوديين حول الدعم الأمريكي" هكذا افتتح "دوغ باندو" مقاله في موقع "فوربس".

 

وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته صحيفة "خبير" إن المملكة السعودية تطرح السؤال: بما ينفع الحلفاء؟ مضيفاً بقوله: "إن أراد الرئيس ترك أثره على السياسة الخارجية الأمريكية، عليه البدء بنفس الرحلة، ففي النهاية، انتقد أوباما المملكةَ السعوديّة على أنّهم "ركاب أحرار" ويستغلون الولايات المتّحدة لضماناتهم الأمنية من دون إعطاء أي مقابل. وعلى واشنطن والرياض الانتقال إلى علاقة عادية، إذ لا داعي لحجّة الصداقة السياسيّة الحميمة".

 

ورأى الكاتب أنه "يجب على الدولتين العمل سويّاً عندما تقتضي الأمر ذلك فقط، وقد يعني ذلك الاتفاق على معارضة داعش والاختلاف حول دعم الديكتاتوريّة العسكريّة في مصر. كما ويجب إبقاء واشنطن بائع الأسلحة الرئيسي للسعوديّة لكن ليس عليها مساعدة الرياض في إسقاط الرئيس السوري وإعادة تعيين الرئيس المخلوع في اليمن. كذلك ينبغي على واشنطن استهداف أي دليل على تمويل الإرهاب، لكن ليس عليها رفع الحصانة السياديّة عن السعوديّة فيما يخصّ دعاوى ١١ أيلول/سبتمبر، كما يريد بعض أعضاء مجلس الشيوخ القيام به. والأهمّ من ذلك، يجب على الولايات المتّحدة إلغاء أيّ ضمانة أمنيّة، سواء كانت علنيّة أو مضمرة. إن كانت السعوديّة تستحق الدفاع، يجب على شعبها القيام بذلك".

 

وأضاف: في الوقت ذاته، من المفروض أن تأخذ الولايات المتّحدة أسلوباً أكثر عدالةً في الحرب الإيرانيّة السعوديّة الباردة، باحثاً عن الفرص التي تبعد طهران عن التطرّف الإسلامي.

 

وأوضح الكاتب أنه "لطالما كانت علاقة السعوديّة مع الولايات المتّحدة مبنيّة على النفط، وما زالت تبيع السعوديّة الكثير من النفط، لكن وإن يكن؟ لطالما كانت أسواق الطاقة عالميّة، كما وتتوسّع بمصادر جديدة كالنفط الحجري والرواسب الجديدة خارج الشرق الأوسط ووجود مزوّدين جدد كإيران. حتّى الولايات المتّحدة نفسها تنتقل من حالة المستهلك إلى المصدّر".

 

وقال الكاتب إن "التهديد الأكبر الذي يطال المملكة اليوم هو شعبه، إذ يمنح نظامها العتيق والاستبدادي القليل للناس الذين ليسوا من سلالة رفيعة المستوى. ولا تستطيع الولايات المتّحدة حماية الملكيّين من شعبهم، وعلى كلّ الأحوال، يبيع النظام الخلفي للمزايد الأعلى".

 

وأضاف الكاتب: "ومن المفروض أن تروّج السعوديّة الاستقرار الإقليمي، بيد أنّها تدخّلت في البحرين لصدّ إصلاحات العاهل السنّي للغالبيّة الشيعيّة، وموّلت المتمرّدين المتطرّفين في محاولة لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وتسعى حاليّاً إلى زعزعة نظام لبنان السياسي الطائفي الهش. ولزيادة الطين بلة، حوّلت الرياض صراعَ اليمن الأهليّ إلى معركة مذهبيّة مع إيران، وكانت الحصيلة كارثة إنسانيّة، إذ تسببت الغارات السعوديّة بمعظم الإصابات البريئة".

 

ونقل الكاتب عن "ليا ويتسون" الناشطة في منظّمة "هيومن رايتس واتش" في هذا الصدد قولها: "من المؤكّد أنّ السعوديّين يخالفون القوانين الدوليّة أثناء الهجومات بلا أيّ أهداف عسكريّة واضحة وقد استعملوا الأسلحة المحظورة كالقنابل العنقوديّة. وقد استهدفت الغارات الجويّة المدارس والمستشفيات والأسواق والمنازل. وفق الأمم المتّحدة، هم السبب وراء ٦٠ بالمئة من ٣٢٠٠ مدنيّاً مقتولاً خلال الصراع". وقتل هجوماً واحداً على سوق في ضيعة مستبأ في ١٥ أذار/مارس حوالى ١٠٠ مدنيّاً، ومن ضمنهم ٢٥ طفلاً. وللأسف قد يخلق دعم معركة المملكة الفوضويّة استهداف الإرهابيّين للولايات المتّحدة مستقبلاً".

 

وتابع الكاتب: "ومنذ إسقاط الشاه في العام ١٩٧٩، نظرت واشنطن إلى المملكة السعوديّة على أنّها حاجزاً مهمّاً للتوسّع في طهران لا سيّما بعد إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين. وللأسف، حملت الولايات المتّحدة حصّة كبيرة من اللوم في خلق إيران اليوم، لأنّها دمّرت ديمقراطيّة إيران ودعمت نظام الشاه الفاسد والوحشيّ ودعمت صدام حسين ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة الجديدة. وقد غطّت العدوانيّة الرسميّة على تطوّر الشعب الإيراني تجاه الغرب".

 

وبحسب الكاتب فأنه "بالرغم من ذلك، يخلق الاتفاق النووي الجديد فرصاً جديدة، ولن يأتي التغيير بسهولة أو بسرعة، نظراً إلى مقاومة طهران، لكن من المرجح أن يتطوّر إيران في اتجاه أكثر ليبراليةً وديمقراطيّة من السعوديّة. وستبقى المسائل الأمنيّة عالقة في الوقت الحاضر، لكن أنفقت السعوديّة ما يزيد عن ٨٠ مليار دولاراً أمريكياً في السنتين الماضيين على القطاع العسكريّ، واضعاً الرياض في المرتبة الرابعة دولياً من ناحية الإنفاق العسكري. فلدى العاهل السعوديّ ما يخاف منه محليّاً أكثر من خوفه دوليّاً".

 

وتابع قوله: "وكذلك، فإنّ السعوديّة القائد بالاسم في الحرب على الإرهاب، لكن مكّنت هجوم الرياض على اليمن فرع القاعدة في تلك الدولة. أضف على ذلك، لم تبد المملكة أي أهميّة في محاربة القاعدة حتّى توجّهت تلك المنظّمة إلى الملكيّين مباشرةً. وتشمل الجهود المحليّة لـ"محاربة الإرهاب" قمع المعارضين بدل العنف".

 

ونقل الكاتب عن "كريستين بيكيري" من منظّمة "هيومن رايتس واتش": إنّ "جهود السعوديّة في مكافحة الإرهاب استهدفت الناشطين في حقوق الإنسان، إذ تسجّلهم بالقوّة في برامج "إعادة تأهيل ذهني" المصمّمة للمشتبه بهم بالإرهاب. وقد تم اعتقال ناشطون سلميّون واستجوابهم ومحاكمتهم في محاكم السعوديّة للإرهاب على أرضيّة اتهامات خاصّة بالتعبير عن الرأي كالـ"الضرر بسمعة المملكة" .

 

ورأى الكاتب أن ما يزيد الطين بلة هو تمويل الرياض للتطرّف الإسلاميّ حول العالم، إذ موّلت الحكومة مدارس أصوليّة حتّى في أوروبا وأمريكا، وتخلق التعاليم الوهابيّة المتعصّبة الأساس للعنف. (وتحت الضغط تُعَلّم المملكة التعصّبَ في كتب المدارس المحليّة). وبينما لم يدعم النظام الملكي الإرهاب بشكل جليّ، لكن قام أفراد سعوديون بتمويل القاعدة والانضمام إليها. وكانت قد رفضت إدارة جورج بوش نشر جزء مؤلّفاً من ٢٨ صفحة من تقرير ١١ أيلول/سبتمبر يطرح فيه الدعم السعوديّ الواضح للإرهاب. وأشارت تسريبات من موقع "ويكيليكس" اعتراف وزيرة الخارجيّة "هيلاري كلينتون" بالدفق المستمرّ للمال السعودي إلى الإرهابيّين.

 

ولفت الكاتب إلى أن المملكة لا تشارك القيم مع أمريكا، سواء كانت ديمقراطية أم غير ذلك، فالسعوديّة في أفضل حالاتها شكل مدنيّ أكثر بقليل من "تنظيم داعش"، في تعصّبها تجاه الأقليات الدينيّة وسوء معاملة النساء، والسياسات الدكتاتورية وتوظيف شرطة دينيّة، فما الفرق الفعلي بينهما؟

 

وأشار الكاتب إلى أن منظّمة "فريدم هاوس" قد صنّفت المملكة السعوديّةَ على أنّها "ليست حرّة"، إذ نالت علامات منخفضة في الحقوق السياسيّة والحريّات المدنيّة، وقالت المنظّمة ببساطة: "المعارضة السياسية جريمة". وفي السياق عينه، ذكرت منظّمة "هيومن رايتس واتش": "تستمرّ السلطات السعوديّة بالاعتقالات والمحاكمات الإعتباطية للمعتصمين السلميين. ويستمرّ العشرات من المدافعين والناشطين في حقوق الإنسان بقضاء فترات طويلة في السجن بسبب انتقادهم السلطات أو تأييد الإصلاحات السياسيّة والحقوقيّة".

 

كما أن منظّمة العفو الدوليّة، أشارت إلى أنّ الإساءات كانت تبدأ بالاعتقالات ثمّ تستمرّ أحياناً في السجن: "يبقى التعذيب وسوء المعاملة أمراً مشاعاً ومنتشراً، وفق معتقلين سابقين والمتّهمين في المحاكم، وكانت تستخدم السعوديّة هذه الطرق بحصانة كاملة". ومن بين الحالات المشهورة الناشط في حقوق الإنسان وكاتب مدوّنة رئيف بدوي الذي حكم عليه بالسجن ١٠ سنوات و ١٠٠٠ جلدة، ومن ثمّ سجن محاميه وليد أبو الخير لمدّة خمسة عشر سنة، وليسوا الوحيدين.

 

ووفقاً للكاتب فأن وزارة الخارجيّة كتبت تقريرها السنوي من ٥٢ صفحة تذكر فيه بالتفصيل عن ممارسات السعوديّة السيئّة فيما يخصّ حقوق الإنسان، وكان الملخّص وحشيّاً: "من أبرز عوامل حقوق الإنسان الذي تمّ التبليغ عنه هو عدم وجود الوسائل القانونية وعدم قدرة المواطنين على اختيار حكومتهم؛ والقيود على الحقوق العالمية كحريّة التعبير لا سيّما على الإنترنت وحريّات التجمّع والتنظيم والحركة والدين؛ والتمييز الجنسي  المتغلغل وفقدان الحقوق المتساوية التي أثّرت على جميع النواحي في حياة النساء". وفي الواقع، يروي هذا المقتطف من التقرير البداية فقط. هناك كذلك السجون المزدحمة والإساءات تجاه المعتقلين وعدم الاستقلال القضائي ووجود معتقلين سياسيين "والتدخّل الاستبدادي بالخصوصيّة والمنزل والمراسلة".

 

وأشار التقرير إلى أن "الحريّة الدينيّة غير موجودة ببساطة.. حيث ذكرت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية العالميّة (United States Commission on International Religious Freedom) أنّ "السعوديّة تبقى فريدة من نوعها إلى درجة أنّها تقيّد التعبير العلني لأي دين غير الإسلام". ويتمّ انتقاد دول كأمثال إيران على مخالفاتهم للحريّات الدينيّة، لكن على الأقل هناك حريّة لمخالفتها على عكس المملكة السعوديّة.

 

وقال الكاتب إن المملكة يحظر القيام بكلّ التعبيرات العلنية التي تخرج من غير المسلمين ومن ضمنهم الملحدين. وتذكر لجنة الولايات المتّحدة للحرية الدينيّة العالميّة أنّ الحكومة "تستمرّ بمحاكمة الأفراد واعتقالهم بتهم المعارضة والإلحاد والكفر وممارسة السحر، وصنّف قانوناً جديداً صدر في العام ٢٠١٤ الكفرَ وتأييد الإلحاد على أنّه إرهاب". وفي تقريره حول الحريّة الدينيّة، أشارت وزارة الخارجيّة إلى الإعدامات بسبب "ممارسة السحر" أو "السحر الأسود". وفي هذا السياق، اعتقلت ناشطة لحقوق النساء لـ"إهانة الإسلام". وبحسب ما جاء في تقرير الوزارة، تتمّ مقاطعة العبادة الخاصّة أحياناً و"الإعتداء على المشاركين واعتقالهم واحتجازهم وأحياناً ترحيلهم".

 

وأضاف بقوله: عمليّاً، تختلف المملكة السعوديّة عن الاتحاد السوفياتي بنسبة قليلة، فالاثنين كانا دولتين استبداديّتين تحكمان على أساس المبادئ المتعالية والسامية وقمع النظامان الحريّة الإنسانيّة في خدمة هذه الرؤى، فإحداها علمانيّة والأخرى دينيّة. ويكمن الفارق الرئيسي في أنّ الثاني أصبح تهديداً مباشراً لأمريكا بينما الأوّل يتدخّل أحياناً في مصالح الولايات المتّحدة بشكل غير مباشر.

 

وتابع الكاتب أنه "لا تمنع أي من هذه واشنطن والرياض من التعاون فيما بينها، ولكن على الولايات المتّحدة التوقّف عن التصرّف كالمتوسّل، فالمملكة بحاجة أكثر بكثير إلى أمريكا. ويعدّ العاهل هجميّاً ولا يمكن استبعاده، لكن لطالما نظر إلى الولايات المتّحدة على أنّها سنده، والشاهد على ذلك صفقات بيع الأسلحة والدعم في المعارك في الحرب غير الشرعية في اليمن".

 

"وفي المقابل، فإنّ الحكم الملكيّ المستمرّ، مهما كان يبدو مفيداً لمصالح الولايات المتّحدة الجيوبوليتكيّة (الجغرافي السياسي) في المدى القصير، ليس جوهريّاً بأي شكل من الأشكال لأمريكا في المعنى الهادف للكلمة. وسيكون في أسوأ الحالات أي انهيار داخلي في المملكة بشعاً للشعب السعودي وجيرانهم، ولكن قد تتجسّد في الولايات المتّحدة على شكل أسعار طاقة أعلى فحسب. ويعدّ أكبر خطر لواشنطن المخاطرة الأخلاقيّة التي ترتبكها بالدفاع عن هذا النظام، وتشجيعها على مقاومة الإصلاحات اللازمة. وبالرغم من إشارات التقدّم العابرة مثل القرار الذي أعلن عنه حديثاً بتجريد الشرطة الدينيّة من صلاحيّة الاعتقال، فقد تراجعت السعوديّة بشكل عام خطوة إلى الوراء منذ صعود الملك سلمان إلى العرش"، بحسب الكاتب.

 

وتساءل الكاتب قائلا: هل "تخسر تأثيرها" الولايات المتّحدة إن انفصلت عن السعوديّة؟  موضحاً: أظهرت الرياض موقفاً أكثر حزماً الذي سمّاه نوّاف عبيد في مركز كلية "كينيدي" للعلوم والشؤون العالميّة بـ"مذهب سلمان الناشئ". وفي الواقع، يبدو أنّ هذه السياسة يقودها نجل الملك المفضّل محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع.

 

واختتم "دوغ باندو" قوله حقيقةً، سيكون كلّ هذا للأفضل، فقد أمضت أمريكا عقوداً وهي تحاول الإدارة التفصيلية والهندسة الجغرافية السياسية في المنطقة، وبنتائج كارثيّة. دع السعوديّة تنفق مالها وحيواتها على سبيل التغيير، وإن كانت الرياض غير مستعدّة "لمشاركة الحي" مع إيران، كما وصفها الرئيس الأمريكي، عندئذٍ ينبغي على المملكة السعوديّة تحمّل العواقب، معتبراً أن الرئيس أوباما سيهدر رحلته الأخيرة إلى المملكة السعوديّة إن طارد السياسة كالعادة، إذ تحتاج واشنطن إلى وضع مسافة بين أمريكا وشركائها المضّرين، والرياض مكاناً جيّداً للبدء بذلك.

أضيف بتاريخ :2016/05/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد