الدول العربية من القومية إلى المذهبية
فهد المكراد
يبدو أننا في عصر ما بعد الربيع العربي، وتصدير الثورة الدينية المذهبية، هناك من يريد شكلاً آخر لمفهوم الدولة في الشرق الأوسط المتغير بالقوة والإرهاب إلى عصر الانتقال إلى الدولة المذهبية القائمة على هوية المذهب للأوطان. يريد ولاءات قائمة عبر الأوطان إلى الولاء للمذاهب، وإن كان خارج الدولة القومية.
إنه الولاء للمذهب، حتى وإن كان عبر البحار والمحيطات، حتى تصبح الهويات والمواطنة قائمة على من مذهبك يكون وطنك.
أو قل ما هو مذهبك أقل لك ما هو وطنك، لم تعد الأوطان مبنية على القومية والانتماء للتربة التي نعيش فوقها، وإن تعددت العرقيات والمذاهب. نعم، هناك من يدفع إلى اتجاه أوطان تسير وفق الهوية الطائفية والعنصرية، وهنا المشاهد واضحة في القطر السوري الشقيق الذي يتمزق ليصل إلى دويلات قائمة على الطوائف الدينية، وها هي الدولة السورية تنشطر إلى أجزاء إقليمية من خلال:
- الإقليم العلوي عبر اللاذقية وساحل البحر المتوسط.
- الإقليم الكردي عبر جبل الأكراد.
- الإقليم الدرزي عبر جبل الدروز.
-والإقليم السنّي عبر دمشق وحلب وحمص.
وذلك، تمهيداً لتقسيم بقية الوطن العربي على شاكلة الوطن السوري الجريح بدعم طائفي وقوى دولية مستفيدة بإشغال الوطن العربي بنفسه، حتى لا تعود له قائمة أو قوة، وتتلاشى مقولة من المحيط إلى الخليج، وبلاد العرب أوطاني وكل العرب إخواني من الشام لبغدان، ومن نجد إلى يمن، وتصبح تلك الأماني من التاريخ التليد.
القادم من الأيام هي حروب طائفية وقودها الناس وحجارة الجهل التي تبنى في أذهان الأجيال الحالية التي تصب الزيت على النار، بدعم من المتشددين والعنصريين في الدين والمذهب والملة. هذا المشهد.
إن غياب التفكير الاستراتيجي ومستشاريي الأمن القومي في أغلبية بلدان الوطن العربي، وإبعاد النهج الديموقراطي الحضاري وتكافؤ الفرص والعدل والمساواة في وسط العديد من الشعوب العربية، أديا إلى أبشع الخسائر للعالم العربي الذي هو مطالب أكثر من أي وقت مضى بتعزيز التقارب بين الحكومات وشعوبها لتعزيز الثقة وعمل إصلاحات سياسية قبل فوات الأوان، خصوصاً في الدول العربية التي لم يصبها ما أصاب الدولة السورية؛ والعراقية؛ واليمنية، وإن كانت تعاني من تبعات وآثار داخلية جراء الأحداث الإقليمية واستقطابات الدول المؤثرة في المنطقة العربية.
المشهد السياسي الحالي يحتم على الدول العربية تشجيع محادثات السلام في «جنيف 1» وما تلاه من اقتراحات من روسيا الاتحادية نحو نهج السلام بعد شبه الانسحاب الأميركي من منطقة الشرق الأوسط. ولا مجال لغير السلام بعد أن دخلت على سوريا جماعات متنوعة من مختلف أنحاء العالم تعد بالعشرات، وتمثل أجندات مذهبية وعرقية وطائفية مدعومة من الخارج ومرفوضة من الداخل، فلا حل للوضع الراهن إلا بتلاقي إرادات الدول المحبة للسلام، لتعزيز هذا النهج وطرد الجماعات المسلحة التي دخلت على الشعب السوري.
القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/01/25