نموذج صادق خان المسلم ورسالة لأكثر من اتجاه!
عبدالله الوصالي ..
بشكل مباشر وفي قناة أمريكية هي السي إن إن رد صادق خان عمدة لندن المسلم على دونالد ترامب الطامح إلى الوصول إلى البيت الأبيض بشكل مباشر ومفحم، لكن قبل ذلك الحديث كان مجرد حدث انتخابه ردا بليغا ليس فقط على السيد دونالد ترامب بل في اتجاهات عدة.
لقد استقر صادق خان واقعا خلف مكتب منصبه الجديد في لندن، بينما لا يزال السيد ترامب يصارع في سعيه للبيت الأبيض. في الواقع لا يعدو أن يكون صعود السيد ترامب المحذر من المسلمين والمهاجرين والذي يأتي بعد أن اجتازت أمريكا عقدة الرئيس الملون ذي الأب المسلم، أن يكون تجليا لمخاوف مؤقتة للشعب الأمريكي بعد موجة التطرف التي تجتاح العالم.
في إحدى مقابلاته الصحفية عرف صادق خان نفسه بأنه مسلم لندني، أوروبي، بريطاني ذو أصل آسيوي من ثقافة باكستانية زوج وأب. هذه التركيبة المتنوعة من الهويات هي المرشحة كي تصبغ بصبغتها القرن الواحد والعشرين. أناس متعددو الهويات، متصالحون معها جميعا، في مدن تحتفي بالتنوع بعيدا عن مدن العزلة المسورة للحفاظ على الثقافة، الغارقة في التباهي الزائف بالأعراق.
الحدث يكشف النقاب عن ملايين من قصص النجاح للكثير من المسلمين في أوروبا ويدحض الظن الذي بات يردده البعض في وسائل الإعلام على أن أوروبا باتت على وشك السقوط في يد التطرف الإسلامي فهاهي تزف إلى النسخة الحضارية من الإسلام. نجاح السيد صادق خان يتعدى نجاح ابن من سبعة أبناء لسائق باص باكستاني تعلم في بريطانيا وشق طريقه ليكون محاميا حقوقيا ووزيرا في الحكومة وعضوا في حزب العمال البريطاني، ليتولى إدارة مدينة هي من أكبر المدن ذات الطابع العالمي حيث يمكنك أن تسمع جميع اللغات والألسن إنه نجاح للإنسانية، هو رد من الشعب البريطاني بطريقته الانجليزية الهادئة، لكن الفعالة على أصوات التطرف في كل مكان. فقد أعطاه، تفويضا لم يحصل عليه عمدة من قبله في التاريخ البريطاني!
بعد هجمات باريس السنة الماضية قال صادق إن المسلمين لديهم مهمة خاصة للتغلب على التطرف الديني «ليس لأننا مسؤولون أكثر من غيرنا عن التطرف بل لأننا قد نكون أكثر فاعلية من غيرنا في معالجته».
يحمل الحدث رسالة مفادها أن العالم الغربي بقيمه المتحضرة وأسلوب حياته هو ميدان مفتوح، ومضياف لكل من يستطيع التأقلم والانسجام مع قيمه، وممارس طموحاته من خلال قوانينه. انتخاب صادق خان يحمل رسالة إلى العالم العربي الإسلامي الغارق في إيديولوجيته المتطرفة والذي يردد متطرفوه بضجيجهم الصاخب أن لديهم وعدا برفع راياتهم السود في روما ويقول لهم إن الإسلام المتسامح المعاصر قد سبقهم إلى عاصمة أعرق دولة أوروبية دون أن يحتز رقبة أو أن يسبي سبية. التطرف لوثة وليس وجهة نظر، والذي يواصل التمسك بنمط تفكير مؤدلج، ومبرمج، ما ضوي تدخر له الأيام الكثير من الصدمات والمفاجآت.
صحيفة اليوم
أضيف بتاريخ :2016/05/13