العمالة المنزلية والحقوق الضائعة
مها الوابل
يؤسفني أن أعود للحديث عن هذا الموضوع بعد أن كتبت عنه قديمًا وكتب عنه الكثير من الزملاء والزميلات، وبالرغم من أن مجتمعنا يتمتع بكثير من الرحمة والتسامح وحب الخير لكن نجد أن ذلك يقف عند البعض حين يتعلق الأمر بالعمالة. سمو وتقدم الأمم ينبع بالأساس من احترامها للإنسان وحقه بالعيش المشرف الضامنة لكل حقوقه بغض النظر عن عرقه أو لغته أو جنسه. هكذا تعلمناها وشربناها من تاريخنا الإنساني المشرف عندما حكم أجدادنا الأرض بقوة المعاملة الحسنة وصدق المقاصد من علاقتنا بالأمم الأخرى وكتب التاريخ شاهدة على ذلك. ولكن للأسف هناك ثلة من مجتمعنا لا تزال تمارس الفوقية لدى تعاملها مع الآخرين، خاصة إذا كانوا من العمالة المنزلية.
من أبسط حقوقهم هو أن نطلق عليهم تسميات تليق بهم ونستبدل تسمية الشغالة والخادمة والسائق إلى مسميات أكثر رقيًا ومهنية، فيجب أن نطلق عليهم المساعدة والمساعد، لكن نجد أن الكثيرين ما زالوا يصرون على التسميات التي تقلل منهم ورغبة في ايجاد الطبقيات المقيتة. نأتي إلى عدد ساعات التشغيل اليومية، التي تتجاوز في كثير من الأحايين الـ 16 ساعة، وكأن هذا الكائن البشري يجب أن (يكون) مثل اللعبة التي تتم تعبئتها بلف «الزمبرك» ولا يحق لهم إلا النوم فقط وتهضم حقوقهم اليومية في أشياء كثيرة من راحة وتمتع بالحياة أسوة بنا. وعند الأعمال التي يجب أن يقوموا بها تشعر بأن كل واحد من هؤلاء كما الأخطبوط ويجب أن يمارس كل المهن في المنزل من تنظيف وطبخ وسباكة ونجارة ورعاية أطفال ويمتد ذلك إلى مهن أخرى قد تصل إلى التدريس والتسوق وغيرهما من الوظائف، وهي أمور قد لا يجيدونها وأن أجادوها فهي ليست ضمن اتفاقية العمل. وأكاد أجزم بأن أحد أهم أسباب هروب وعزوف العمالة عن الخدمة هو غياب الأمور الأساسية، التي تحكم علاقتنا بهم من عقد عمل وعقد المعاملة الحسنة. كلنا عليه دور مهم إيمانا بوطنيتنا وعكس صورة ايجابية عن هذه الأرض وشعبها الكريم، وهذا لن يتأتى إلا بالانضباط والتعامل بالحسنى مع الآخرين بصدق وشفافية.
جريدة اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/26